توتر خفي.. القوات المصرية تربك إسرائيل وتعرقل أكبر صفقة في تاريخها

القوات المصرية
القوات المصرية

كشفت صحيفة "يسرائيل هايوم" العبرية أن العلاقات بين مصر وإسرائيل تشهد توتراً غير معلن في كواليس الملفات الاقتصادية والأمنية، بعد رفض وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين التصديق على اتفاق الغاز التاريخي مع القاهرة، رغم الضغوط المكثفة التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإتمام الصفقة.

وأكدت الصحيفة أن الموقف الإسرائيلي المفاجئ أربك حسابات واشنطن، التي كانت تعتبر هذا الاتفاق خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة بين حلفائها في الشرق الأوسط.

أسباب الخلاف

أوضحت الصحيفة أن قرار كوهين بعدم المصادقة على الصفقة يستند إلى سببين رئيسيين:

  • أولاً: ما تصفه إسرائيل بـ"الانتهاكات المصرية" لبنود اتفاقية كامب ديفيد، والمتعلقة بزيادة حجم القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء بما يتجاوز الحدود المتفق عليها.
  • ثانيًا: القلق الإسرائيلي من أن تؤدي الصفقة الجديدة إلى ارتفاع أسعار الغاز داخل السوق الإسرائيلي الأمر الذي قد يثير غضب المستهلكين ويضغط على الحكومة.

ونقلت الصحيفة عن كوهين قوله بشكل حاسم: "لن أخضع لأي ضغط، فواجبي هو حماية المصالح الأمنية والاقتصادية لدولة إسرائيل."

تداعيات مباشرة

بسبب هذه الخلافات، ذكرت الصحيفة أن وزير الطاقة الأمريكي ألغى زيارة كانت مقررة إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، في مؤشر على تعقّد الموقف وتراجع الثقة بين الأطراف المعنية، وأشارت إلى أن واشنطن كانت تعوّل على الزيارة لدفع الاتفاق نحو التنفيذ النهائي، إلا أن الملف الأمني في سيناء بات عقبة يصعب تجاوزها في الوقت الراهن.

الملف الأمني في سيناء

تعتبر إسرائيل أن وجود قوات مصرية إضافية في سيناء يمثل خرقاً محتملاً لاتفاقية كامب ديفيد، التي حددت بدقة طبيعة التواجد العسكري في هذه المنطقة الحساسة، وترى تل أبيب أن أي تمدد عسكري مصري دون تنسيق مسبق يمثل تهديداً للتوازن الأمني الدقيق القائم منذ عقود.

ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله إن تسوية هذا الملف قد تحتاج إلى عدة أسابيع إضافية من المفاوضات، مؤكداً أن المصادقة النهائية على اتفاق الغاز لن تتم قبل الوصول إلى تفاهم واضح حول الوجود العسكري المصري في سيناء.

خلفية الصفقة

يذكر أن القاهرة وتل أبيب وقعتا في عام 2018 اتفاقاً وُصف حينها بالتاريخي، يقضي بتصدير الغاز الطبيعي من الحقول البحرية الإسرائيلية وعلى رأسها حقل لوثيان (Leviathan) إلى مصر، بقيمة أولية تراوحت بين 15 و20 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

ومع تحسن أسعار الغاز وارتفاع الطلب العالمي، ارتفعت قيمة الصفقة إلى نحو 35 مليار دولار، لتصبح أكبر اتفاق تصدير في تاريخ الاقتصاد الإسرائيلي، وقد بدأ التصدير الفعلي في يناير 2020، لكن التعاون ظل محفوفاً بالمخاوف الأمنية والسياسية.

بين المصالح الاقتصادية والهواجس الأمنية

تحاول إسرائيل الموازنة بين مكاسبها الاقتصادية من استمرار تصدير الغاز إلى مصر، وبين مخاوفها الأمنية من الوجود العسكري المصري المتزايد في سيناء.

وترى بعض الدوائر في تل أبيب أن تأجيل التصديق النهائي على الصفقة لا يعني رفضها، بل يمثل أداة ضغط سياسية تهدف إلى ضمان التزام القاهرة التام ببنود اتفاق السلام.

وفي المقابل، تعتبر مصر أن تعزيز وجودها العسكري في سيناء ضروري لمكافحة الإرهاب وضبط الحدود، وليس خرقاً لأي اتفاقيات.

روسيا اليوم