كيف تحول الخط الأصفر إلى مكسب مزدوج لحماس وسموتريتش؟

الخط الأصفر
الخط الأصفر

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن بقاء الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة المحددة بـ"الخط الأصفر" في قطاع غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، تحول إلى نقطة ضعف استراتيجية تصب في مصلحة حركة حماس.

وذكرت الصحيفة أن هذا التمركز الطويل منح حماس الوقت الكافي لإعادة تموضع مقاتليها وتنظيم صفوفها في مناطق جديدة، مستفيدة من غياب التحرك الميداني الإسرائيلي، في حين يرى مراقبون أن هذا الوضع يخدم أجندة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي يسعى إلى إفشال "خطة ترامب" والتمهيد لإعادة الاستيطان في القطاع.

انتقادات حادة 

وأشارت الصحيفة إلى تزايد الانتقادات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ضد أداء قاعدة التنسيق الأمريكية المقامة في إسرائيل، ونقلت عن مسؤول أمني رفيع قوله: "رغم أن الأمريكيين على دراية تامة بما يحدث، فإن وتيرة عملهم بطيئة للغاية، لكنهم يعرفون متى يتحركون بسرعة، كما حدث خلال الهجوم في الشجاعية عندما تعقبنا هدفًا مشبوهًا على الخط الأصفر".

وأضاف المسؤول أن استمرار الوضع الحالي دون تحرك حقيقي نحو اتفاق شامل سيؤدي إلى حالة ميدانية غير صحية، مؤكدًا أن "هذا الجمود الميداني يصب في مصلحة حماس ويبعد إسرائيل عن هدفها الأساسي بنزع سلاح الحركة وإنهاء سيطرتها على غزة".

تراجع الشرعية الدولية

وأوضح المصدر ذاته أن الجيش الإسرائيلي بات مقيدًا في تحركاته داخل القطاع نتيجة الخشية من تآكل الشرعية الدولية التي تعتمد عليها تل أبيب في تبرير عملياتها العسكرية، وقال: "قواتنا تواجه مخاطر كبيرة وغير محددة، ولا يمكنها المبادرة أو التوسع بحرية، لأن أي تجاوز للاتفاق قد يعرضنا لانتقادات دولية واسعة".

وبحسب الصحيفة، فإن هذا التقييد ساهم في إطالة أمد تمركز القوات داخل الخط الأصفر، الأمر الذي جعلها في وضع دفاعي هش، وسط بيئة معقدة يسيطر عليها الغموض والتوتر.

ترتيبات أمريكية للمرحلة الثانية من الاتفاق

وتطرقت يديعوت أحرونوت إلى أن هناك مؤشرات ميدانية على التحضير لمرحلة ثانية من الترتيبات الميدانية في غزة، من أبرزها إنشاء مقر التنسيق الأمريكي في مدينة كريات غات، إلى جانب مركز قيادة مشترك لتنسيق العمليات المدنية داخل القطاع.

إلا أن الصحيفة أكدت أن هذه التحركات لا تزال أولية، مشيرة إلى أن الطريق نحو اتفاق شامل لا يزال مليئًا بالعقبات السياسية والميدانية.

تحذيرات من عودة حماس للواجهة بقوة

حذرت الصحيفة من أن استمرار الوضع الراهن دون اتفاق نهائي سيمنح حماس الوقت والمساحة لإعادة بناء قوتها العسكرية والهيكلية، وأضافت أن الحركة بدأت بالفعل في ترميم بنيتها التحتية، والسيطرة على آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية التي تدخل إلى القطاع عبر المعابر، مما يمكنها من تعزيز نفوذها الاجتماعي والسياسي مجددًا.

كما اعتبرت أن إسرائيل بهذا الأداء تمنح خصمها فرصة نادرة لاستعادة زمام المبادرة وإحياء قدراته القتالية بعد عام من الاستنزاف.

موقف سموتريتش

وأكدت يديعوت أحرونوت أن الجمود داخل الخط الأصفر لا يخدم حماس وحدها، بل ينسجم مع تطلعات شخصيات سياسية يمينية في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

وأشارت إلى أن سموتريتش وصف حركة حماس في وقت سابق بأنها "كنز سياسي"، معتبراً أن السيطرة العسكرية الإسرائيلية على نصف القطاع قد تفتح الباب لإعادة بناء المستوطنات التي تم إخلاؤها في خطة فك الارتباط التي أطلقها أريئيل شارون عام 2005.

الخط الأصفر

وفي ختام تقريرها، خلصت الصحيفة إلى أن الخط الأصفر تحول إلى "خط فصل سياسي وميداني" أكثر منه خطًا عسكريًا، إذ يعكس حالة التوازن الهش بين رغبة إسرائيل في التمسك بالمكاسب الميدانية وخشيتها من فقدان الشرعية الدولية.

وأكدت أن هذا الواقع يخدم في نهاية المطاف طرفين متناقضين: حركة حماس التي تعيد بناء نفسها، ووزير المالية سموتريتش الذي يرى في استمرار التوتر فرصة لتحقيق طموحاته السياسية وإحياء مشروع الاستيطان.

إرم نيوز