أفاد محافظ سلطة النقد الفلسطينية، الدكتور يحيى شنار، بأن القطاع المصرفي يمر بمرحلة حرجة تتطلب تضافر الجهود، في ظل التحديات الناتجة عن العلاقة المعقدة مع البنوك المراسلة الإسرائيلية، وأزمة تكدس الشيكل، والوضع الاقتصادي المتأزم في قطاع غزة، إلى جانب التحضيرات الجارية لإعادة الإعمار وتنشيط النظام المصرفي هناك.
وتأتي تصريحات "الشنار" خلال لقاء موسع عقده مع عدد من الصحفيين في مقر سلطة النقد بمدينة رام الله، حيث تناول بالتفصيل ملامح المرحلة المقبلة وخطط المواجهة المحتملة للأزمة.
مهلة إسرائيلية وتهديدات بوقف التعاملات
أشار "الشنار"، في حديثه لوكالة معا أن إسرائيل منحت السلطة الفلسطينية مهلة تمتد لـ60 يومًا تنتهي في الأول من ديسمبر المقبل، مشيرًا إلى أن تنفيذ التهديد الإسرائيلي بوقف التعاملات المصرفية سيؤدي إلى تعطل فوري في التحويلات البنكية.
وأوضح "الشنار"، أن سلطة النقد تعمل على تطوير خطة بديلة (خطة B) تهدف إلى تقليل المخاطر المحتملة وضمان استمرارية عمل الجهاز المصرفي في حال نفذت إسرائيل تهديدها.
تحركات دبلوماسية واقتصادية مكثفة
وفي السياق ذاته، لفت "الشنار"، إلى وجود تحركات دبلوماسية واقتصادية نشطة مع عدد من الدول التي ترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل، من أجل إيجاد قنوات مالية بديلة تضمن استمرار العمل المصرفي الفلسطيني دون انقطاع.
تحديات إعادة الإعمار في غزة
أما عن جهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، أوضح "الشنار"، أن سلطة النقد تعمل مع جهات دولية لتسهيل إدخال الأموال والسيولة النقدية، مبينًا أن رفض إسرائيل إدخال النقد يشكل عقبة رئيسية أمام العملية.
ولفت "الشنار"، إلى أن هذا الواقع أدى إلى انتشار العمولات المرتفعة وبعض الممارسات غير القانونية، إلا أن الجهود مستمرة وقد تم بالفعل تشغيل عدد من فروع البنوك داخل القطاع.
كما شدد "الشنار"، على أن إعادة الإعمار يجب أن تكون بقيادة البنوك الفلسطينية لضمان الشفافية والرقابة المالية.
أزمة تكدس الشيكل تضغط على النظام المالي
وفي حديثه عن أزمة تكدس الشيكل، أكد "الشنار"، أن الجهود تتركز على رفع القيود المفروضة على حركة العملة والإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة لدى الجانب الإسرائيلي، موضحًا أن استمرار الأزمة يشكل ضغطًا كبيرًا على القطاع المصرفي بأكمله.
مؤشرات قوية رغم الأزمات
استعرض "الشنار"، أبرز مؤشرات القطاع المصرفي حتى نهاية سبتمبر 2025، مشيرًا إلى أن كفاية رأس المال بلغت 17.1%، وإجمالي الأصول وصل إلى 27.6 مليار دولار، بينما بلغ رأس المال المدفوع 1.3 مليار دولار، والودائع 21.3 مليار دولار مقابل تسهيلات ائتمانية بقيمة 12.8 مليار دولار.
والجدير بالإشارة أن حقوق المساهمين قد بلغت نحو مليار دولار، والاستثمارات في الأوراق المالية 681 مليون دولار بنسبة 5.4% من إجمالي الأصول.
وأضاف "الشنار"، أن نسبة القروض المتعثرة لم تتجاوز 2%، ما يعكس متانة الجهاز المصرفي الفلسطيني رغم التحديات الاقتصادية والسياسية.
التحول الرقمي في قلب الرؤية المستقبلية
كما أشار "الشنار"، إلى أن قيمة الشيكات المتداولة عبر المقاصة الإلكترونية بلغت 989.5 مليون دولار بعدد تجاوز 3.3 مليون شيك خلال العام الجاري، موضحًا أن الشيكات الصغيرة (أقل من 20 ألف شيكل) تمثل 68% من التداولات.
واختتم "الشنار"، بالتأكيد على أن القطاع المصرفي الفلسطيني لا يزال يتمتع بقدرة عالية على التكيف، مشددًا على استمرار جهود سلطة النقد في حماية الاستقرار المالي وتعزيز التحول نحو الخدمات المصرفية الرقمية.
