تزداد تعقيدات المشهد في جنوب قطاع غزة مع تفاقم أزمة المقاتلين الفلسطينيين المحاصرين داخل أنفاق رفح، رغم إعلان مصدر إسرائيلي عن تفاهم مبدئي بين واشنطن وتل أبيب يقضي بإخراج نحو 200 مقاتل من كتائب القسام إلى خارج القطاع.
لكن الخطة، التي روج لها كحل مؤقت لتفادي عملية برية واسعة، تصطدم بعقبتين أساسيتين تهددان بنسفها بالكامل: الأولى، غياب أي دولة مستعدة لاستقبال المقاتلين حتى بشكل مؤقت، وفق ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية.
أما الثانية، فهي أن المقاتلين أنفسهم لا علم لهم بالاتفاق أو بوقف إطلاق النار، بحسب ما أفادت به وكالة "رويترز"، مما يجعل تطبيق أي اتفاق ميدانياً محفوفاً بمخاطر كبيرة قد تفجر الهدنة وتعيد دوامة التصعيد.
فكرة أمريكية إسرائيلية
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن وساطة أمريكية–إسرائيلية اقترحت نقل المقاتلين إلى خارج قطاع غزة كخيار مؤقت يجنب المنطقة عملية عسكرية شاملة في رفح، غير أن المعطيات الميدانية والدبلوماسية تظهر أن الاقتراح لا يزال حبيس الورق، إذ لم تطرح حتى الآن قائمة بدول مستعدة لاستضافة المقاتلين أو استقبالهم بشكل مؤقت.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن غياب الآلية التنفيذية يجعل الاتفاق هشاً وغير قابل للتطبيق عملياً، محولاً القضية من خطة ميدانية إلى أزمة دبلوماسية معقدة بين أطراف متعددة، في ظل تباين واضح في المواقف الإقليمية والدولية تجاه التعامل مع عناصر المقاومة.
مقاتلون معزولون تحت الأرض
تشير تقارير ميدانية إلى أن عناصر المقاومة داخل أنفاق رفح يعيشون حالة من العزلة الكاملة عن قياداتهم منذ شهور طويلة، مما يجعل من الصعب تمرير أي اتفاق لإجلائهم أو إقناعهم بالاستسلام دون تواصل مباشر أو ضمانات واضحة.
وتؤكد المصادر أن العديد من هؤلاء المقاتلين قد لا يكونون على دراية بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار أو بالشروط المرتبطة بالهدنة الحالية، الأمر الذي ينذر بوقوع اشتباكات غير متوقعة في حال محاولة إخراجهم بالقوة أو عبر وساطة خارجية دون تفاهم مسبق.
قلق أمريكي وتحذير من انهيار الهدنة
في المقابل، طلب مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السماح بخروج المقاتلين الفلسطينيين من أنفاق رفح من دون أسلحتهم، مشدداً على أن الولايات المتحدة ترفض تصفيتهم جسدياً.
ورغم هذا الموقف الأمريكي، فإن ترحيل المقاتلين دون توافق إقليمي ودولي يبقى خطوة شديدة الخطورة قد تؤدي إلى انهيار كامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتفتح الباب أمام جولة جديدة من العنف قد تمتد إلى مناطق أوسع من القطاع.
