رؤية صهيونية على حدود مصر.. تفاصيل مخطط إسرائيلي لإحياء “الحلم الصهيوني” تحت ذريعة الأمن والتنمية

مخطط صهيوني
مخطط صهيوني

كشف موقع "ماكور راشون" العبري في تقرير مطول عن مخطط إسرائيلي جديد لتوسيع الاستيطان على الحدود مع مصر تحت شعار ما يسمى بـ"الرؤية الصهيونية"، التي تجمع بين الأمن والزراعة والتوسع الديموغرافي في قلب صحراء النقب.

وبحسب التقرير، فإن الخطة تتركز في نطاق المجلس الإقليمي رمات نقب، الذي يمتد على نحو ثلث مساحة إسرائيل، ويضم قرابة ثمانية آلاف مستوطن يعيشون في تجمعات صغيرة تعرف باسم “يشوبات”، يرفعون شعار “الاستيطان في الصحراء هو استمرار للحلم الصهيوني”.

التهريب والطائرات المسيرة

أوضح التقرير أن التصعيد الأمني على الحدود مع سيناء وازدياد عمليات تهريب الأسلحة عبر الطائرات المسيّرة شكّلا مبرراً لتوسيع الوجود الإسرائيلي في المنطقة الحدودية.

وأشار رئيس المجلس الإقليمي عوران دورون إلى أن المنطقة ليست هامشية كما يظن البعض، بل تمثل قلب الأمن القومي الإسرائيلي، مؤكداً أن سكان النقب جاؤوا لبناء مجتمع قوي يخدم الدولة ويعزز أمنها.

وأضاف أن المنطقة تواجه تحديات قاسية مثل المناخ الجاف وبعد المسافات، لكنه شدد على أن روح الصحراء تمنح السكان شعوراً بالمعنى والانتماء.

خطر السلاح غير الشرعي

ناقشت لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست مؤخراً تزايد عمليات تهريب السلاح من سيناء إلى داخل إسرائيل، خاصة في منطقة “فتحة نتزانة”، وقال دورون إن الطائرات المسيرة ليست الخطر الحقيقي، بل العصابات التي تشتري السلاح وتغذي الجريمة المنظمة داخل إسرائيل، مشيراً إلى أن آلاف قطع السلاح غير القانونية دخلت البلاد، ما يشكل تهديداً وجودياً على الأمن الإسرائيلي.

خطة بثلاث دوائر

عرض دورون خطة متعددة المستويات لمواجهة التهديدات، تضمنت:

  • الدائرة الأولى: تعزيز الجدار الحدودي مع مصر تحت إشراف الجيش.
  • الدائرة الثانية: تكثيف التنسيق الأمني بين الشرطة والشاباك لمحاربة تهريب السلاح.
  • الدائرة الثالثة: زيادة الاستيطان في النقب عبر جذب 1000 عائلة جديدة إلى المناطق الحدودية وفتح 300 مزرعة إضافية لاستيعاب السكان الجدد.

وأكد أن التنمية السكانية تمثل الحل الحقيقي للأمن، داعياً الحكومة إلى تقديم حوافز ضريبية وسكنية وتوحيد جهود وزارات الدفاع والزراعة والإسكان لتسريع المشاريع.

مشاريع تنموية بغطاء أمني

اقترح دورون عدة مشاريع تهدف إلى تحصين الحدود عبر التنمية، منها إنشاء مصانع دفاعية وسجون جديدة توفر فرص عمل للمستوطنين، إضافة إلى مشاريع سياحية في الكثبان الرملية مثل المنتجعات الريفية ورحلات السفاري.

وأشار إلى أن توسيع الطريق رقم 10 بين “فتحة نتزانة” و“فتحة شلوم” سوف يساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي، موضحاً أن فتح الطريق مؤخراً خلال العيد جذب أكثر من عشرة آلاف زائر، وهو ما اعتبره دليلاً على إمكانية دمج الأمن بالسياحة.

صهيونية بيئية

ينحدر دورون من خلفية بيئية، ويرى أن الاستيطان في الصحراء يجب أن يقترن بـ“الحفاظ على الطبيعة”، معتبراً أن النقب يمثل التوازن بين الحلم الصهيوني والوعي البيئي.

وأشار الموقع إلى أن دورون كان مديراً لمدرسة “سيده بوغر” التي أسسها يهوشع كوهين، أحد أعضاء منظمة “ليحي” التي اغتالت الكونت برنادوت، والذي عمل لاحقاً حارساً شخصياً لـدافيد بن غوريون حين انتقل للعيش في النقب.

وقال دورون: "من قبر بن غوريون ترى الصحراء من جهة، والاستيطان الذي يواصل الحلم الصهيوني من الجهة الأخرى".

تحفظ على مشاريع الطاقة الشمسية

أبدى دورون اعتراضه على مشروع شمسي ضخم في النقب، محذراً من أن الأضرار البيئية المحتملة تفوق الفوائد، مضيفاً أن البرج الشمسي كان تجربة مكلفة بيئياً واقتصادياً، ويجب ألا نكرر الخطأ.

وحول العلاقة مع البدو في النقب، اعتبر دورون أنهم جزء من النسيج الإسرائيلي، لكنه شدد على وجوب الالتزام بالقانون ومكافحة البناء غير المرخص، داعياً إلى حلول اقتصادية وتربوية موازية.

وأشار إلى قرية “بير الهدج” كمثال على الفشل في توظيف الاستثمارات الحكومية بشكل فعال، قائلاً إن المشكلة ليست في نقص الأموال، بل في غياب النهج الصحيح.

مجتمع متنوع متعايش في رمات نقب

يضم المجلس الإقليمي رمات نقب تجمعات دينية وعلمانية مختلطة، ويقول دورون بفخر: "نحن لا نقسم المال بالتساوي بل بالعدل، وفق احتياجات كل مجتمع، بنسبة توافق تصل إلى 98٪"، ويعتبر معسكر رامون الجوي جزءاً من المجلس، حيث يعيش فيه عائلات الطيارين الذين يدرسون أبناؤهم في مدارس رمات نقب.

حياة وتجارب في قلب الصحراء

اختتم التقرير بسرد قصص من واقع النقب، مثل عائلة تسادوك التي انتقلت من منطقة الشارون إلى سيناء ثم إلى “فتحة نتزانة” بعد اتفاق السلام مع مصر.

ويعمل يوفال تسادوك باحثاً زراعياً في وحدة التطوير “رمات نقب” وساهم في مكافحة فيروس “تومبو” الذي هدد زراعة طماطم الشيري، كما طور نباتاً صحراوياً يسمى “سليكورنيا” يُروى بالمياه المالحة ويُستخدم في مطاعم أوروبا.

وقالت سارة، مديرة مركز تعليم العبرية للمهاجرين: "الحياة هنا بسيطة ومترابطة، كأننا عائلة واحدة"، وأضافت أن النقب يمثل بيئة آمنة قريبة من الطبيعة وغنية بالدعم المجتمعي.

وختم الباحث يوفال كاي بقوله: "النقب ليس مجرد صحراء؛ إنه مختبر للحياة، حيث تلتقي المعرفة بالابتكار، والإنسان بالأرض. هنا، تبني وتتعلم وتعيش في توازن نادر".

روسيا اليوم