شهد مطار جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا حادثة إنسانية معقّدة، بعدما علق نحو مائة إلى 153 فلسطينيًا من قطاع غزة داخل طائرة هبطت في المطار دون السماح للركاب بالنزول، وبحسب مصادر فلسطينية، فإن بين الركاب عائلات كاملة وأطفالًا ومرضى غادروا القطاع يوم الأربعاء في رحلة شاقة امتدت أكثر من 24 ساعة، أملاً في الوصول إلى مكان آمن بعد أشهر من الحرب.
غادر الركاب بدايةً من مطار رامون قرب إيلات، بعد مرورهم عبر معبر كرم أبو سالم وتفتيشهم من قبل قوات الاحتلال. وبعد ذلك نقلوا بالحافلات إلى المطار الإسرائيلي، ومنه أقلعت بهم طائرة مستأجرة إلى نيروبي في كينيا، قبل أن تُنقل المجموعة إلى طائرة ثانية توجهت إلى جوهانسبرغ.
لكن بمجرد وصولهم، اصطدمت رحلتهم بعقبات أمنية ولوجستية حالت دون نزولهم، ليبقوا عالقين داخل الطائرة لأكثر من تسع ساعات في ظروف قاسية وسط إرهاق شديد.
شهادات مباشرة
أظهرت مقاطع فيديو نشرها ركاب الطائرة معاناتهم داخلها، حيث لم تتحرك الطائرة من مكانها منذ هبوطها، فيما ظهر الركاب في حالة إنهاك شديد بعد رحلة استنزفت طاقتهم بالكامل.
وأكدت المصادر أن السلطات لم تقدم لهم الطعام أو المياه بشكل كافٍ، ما دفع نشطاء أفارقة لإطلاق مناشدات عاجلة لتوفير الاحتياجات الأساسية للركاب المحتجزين.
وحاول صحفيون محليون التواصل مع الجهات المعنية لمنح الركاب تأشيرات دخول، إلا أن جهودهم باءت بالفشل في الساعات الأولى للأزمة، وسط حديث عن احتمال اضطرار الطائرة لمغادرة جنوب أفريقيا إلى وجهة أخرى.
كيف بدأت الأزمة؟
كشفت صحيفة هآرتس العبرية أن الرحلة لم تكن منظمة عبر أي قناة رسمية، وأن الإجراءات تمت بواسطة جهة غير مسجلة ومضللة استغلت الظروف المأساوية في غزة، وقامت بترتيب السفر مقابل مبالغ مالية كبيرة، دون أي تنسيق مع السلطات الفلسطينية أو الجنوب أفريقية.
تحرك دبلوماسي سريع
وبحسب السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا، فإن 153 مواطنًا وصلوا دون أي إخطار مسبق أو تنسيق رسمي، وهو ما فاقم الارتباك وأدى إلى احتجازهم مؤقتًا، وأكدت السفارة أن تلك الجهة الوهمية حاولت التنصل من مسؤوليتها فور ظهور التعقيدات، تاركة العائلات تواجه مصيرها وحدها.
على الرغم من البداية الصعبة، نجحت الجهود الدبلوماسية الفلسطينية في فتح قناة تواصل مباشر مع الحكومة الجنوب أفريقية، وأعلنت السفارة أن السلطات هناك اتخذت قرارًا إنسانيًا بمنح الركاب تأشيرات دخول لمدة 90 يومًا، تعبيرًا عن الموقف المبدئي الذي تعرف به جنوب أفريقيا في دعم الشعب الفلسطيني.
أكدت السفارة أنها تتابع الوضع ساعة بساعة، وتقدمت بالشكر للحكومة الجنوب أفريقية على استجابتها السريعة، وعلى تعاملها الإنساني مع الأزمة.
تحذيرات للسكان في غزة
شددت السفارة الفلسطينية على ضرورة عدم التعامل مع أي جهات غير رسمية أو وسطاء يدّعون القدرة على تأمين ممرات سفر أو تصاريح خروج، وأكدت أن التعامل مع هذه الأطراف قد يؤدي إلى تعريض حياة العائلات للخطر, كما حصل مع هذه المجموعة، التي وجدت نفسها محتجزة دون حماية رسمية.
ودعت السفارة المواطنين إلى التواصل معها مباشرة أو مع المؤسسات الفلسطينية المعترف بها لضمان التنسيق السليم وتجنب الوقوع في عمليات الاحتيال.
