أم محمد عليوة ستينية من غزة تحمل أعباء 36 طفلًا وسط الحرب

أم محمد عليوة
أم محمد عليوة

غزة/ البوابة 24- رائد كحيل

في قلب المأساة التي يعيشها قطاع غزة، تتجسد قصة أم محمد عليوة، الستينية التي تحولت حياتها إلى سلسلة لا تنتهي من النزوح والفقدان. أكثر من عشرين مرة اضطرت لمغادرة بيتها بحثًا عن مأمن، لكن القصف لاحقها أينما ذهبت، ليخطف أبناءها وبناتها وأحفادها أمام عينيها، ويتركها مثقلة بالجراح الجسدية والروحية. ورغم الألم، وجدت نفسها مسؤولة عن رعاية عشرات الأطفال الذين فقدوا ذويهم، لتصبح رمزًا لصمود الأمهات الفلسطينيات وسط الركام والدمار.

رحلة نزوح لا تنتهي

أم محمد، عاشت رحلة نزوح قاسية تجاوزت عشرين مرة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ومع كل هدنة قصيرة كانت تحاول العودة مع عائلتها، لكنها سرعان ما تضطر للنزوح مجددًا. ففي الهدنة الثانية التي امتدت لشهرين مطلع يناير/ كانون الثاني، عادت إلى بيتها، إلا أن القصف المتواصل أجبرها على الرحيل مرة أخرى.

تروي أم محمد: "نزحنا غربًا قرب بحر غزة بعد التهديد الأخير قبل نحو شهرين، وخرج ابني الأكبر محمد للتسوق من سوق ميدان فلسطين القريب من مستشفى المعمداني شرقي المدينة، لكن القصف استهدف المستشفى، فاستشهد هناك تاركًا عشرة أبناء خلفه، فيما أصيبت زوجته الحامل بجروح".

عليوة1.jpg
 

فقدان الأحبة تحت القصف

وتضيف: "في اليوم التالي للعزاء، اجتمع نحو أربعين فردًا من أبنائي وبناتي وأقاربي داخل خيمتنا لمواساتنا، لكن القصف باغتنا بلا إنذار، فأصبت إصابات خطيرة في الرأس والظهر والخصر، وخضعت لعمليات جراحية، وما زلت بحاجة لعمليات أخرى لإزالة الشظايا".

توضح أم محمد أنها فقدت الوعي لحظة الاستهداف، وعندما أفاقت كانت فاقدة السمع والبصر بفعل قوة الانفجار. ومع استعادة وعيها، كان أول سؤال لها عن أبنائها وبناتها، لتصدم بخبر استشهاد ابنتيها رشا ونائلة، وابنيها محمدين وعزات، إضافة إلى أحفادها محمد وأحمد وحماد وإياد وحذيفة.

تقول بأسى: "شعرت أنني في كابوس لا ينتهي، لم أستطع تحمل هول الفاجعة. طلبت من إدارة المستشفى السماح لي بالخروج لرعاية أحفادي الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم، رغم وضعي الصحي الصعب، ووقّعت تعهدًا بالخروج على مسؤوليتي".

عليوة2.JPG
 

مسؤولية ثقيلة

اليوم، تجد أم محمد نفسها أمام مسؤولية جسيمة؛ فهي ترعى 36 طفلًا، أكبرهم في السادسة عشرة وأصغرهم رضيعة لم تتجاوز شهرًا ونصف، إضافة إلى طفل بلا أم ولا أب. تقول: "أحيانًا أبحث عن تكية هنا أو هناك، وأحيانًا أوهمهم أنني أعد الطعام فأشعل النار ليظنوا أن هناك وجبة تنتظرهم، حتى ينعسوا ويناموا، ثم أخلد للنوم بعدهم". وتشير إلى أن بعض الجيران يرسلون لهم الطعام بين الحين والآخر، فتوزعه على الأطفال بالدور حتى يضمن أن يأكل الجميع. وتختم: "سأواصل رعايتهم وتربيتهم كما ربيت آباءهم وأمهاتهم، رغم ثقل الحمل وقسوة الظروف". 

عليوة5.JPG
 

عليوة.JPG
 

البوابة 24