أخطر أزمة مالية.. الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية يكفي تغطية الرواتب لهذه المدة فقط 

شيكل
شيكل

أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية الفلسطينية أن إجمالي المساعدات الخارجية التي تلقتها السلطة الوطنية الفلسطينية منذ مطلع عام 2025 وحتى نهاية شهر تشرين الأول بلغ نحو 2.016 مليار شيقل وفق الأساس النقدي، أي ما يعادل قرابة 615 مليون دولار، وذهب الجزء الأكبر من هذا المبلغ لدعم الموازنة العامة، بواقع 1.626 مليار شيقل، ما يعادل تقريبًا 500 مليون دولار.

الاتحاد الأوروبي في الصدارة

وبحسب التفاصيل، تصدر الاتحاد الأوروبي قائمة الجهات الداعمة للخزينة العامة الفلسطينية من خلال آلية “بيغاس” بإجمالي دعم بلغ حوالي 795.3 مليون شيقل حتى نهاية تشرين الأول. 

وجاء البنك الدولي في المرتبة الثانية بقيمة 631.3 مليون شيقل، بينما قدمت السعودية دعمًا بحوالي 101.3 مليون شيقل، تلتها النرويج بـ67.6 مليون شيقل، ثم فرنسا بنحو 31.3 مليون شيقل.

دعم الموازنة لا يغطي سوى جزء محدود من الرواتب

وتشير الأرقام إلى أن إجمالي الدعم المخصص للموازنة لا يشكل سوى 11% من إجمالي الإيرادات العامة، وهو دعم لا يكفي عمليًا لتغطية فاتورة رواتب شهرين كاملين. 

ولا توفر المبالغ المتاحة أكثر من راتب كامل ونحو 60% من راتب شهر آخر، في وقت تصل فيه فاتورة الرواتب الشهرية إلى قرابة 1.05 مليار شيقل، كما أن هذه البيانات لا تشمل أي أموال دخلت الخزينة بعد تشرين الأول.

تراجع سنوي

وعلى المستوى السنوي، سجل إجمالي الدعم الخارجي للخزينة العامة خلال عام 2025 تراجعًا بنسبة 11.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ بلغ الدعم في عام 2024 نحو 1.834 مليار شيقل (564 مليون دولار). 

وفي المقابل، كان الدعم حتى نهاية تشرين الأول 2023 لا يتجاوز 664 مليون شيقل (204 ملايين دولار)، وبالمقارنة بين عامي 2025 و2023، يظهر أن الدعم ارتفع بنحو 59%، إلا أن هذا الارتفاع لم يكن كافيًا لتعويض الفاقد الكبير في الإيرادات.

21.8 مليار دولار دعم خارجي

وفي سياق أوسع، كشفت بيانات موثقة لسلطة النقد ضمن “بيانات المالية العامة”، أن إجمالي الدعم الخارجي الذي تلقته السلطة الفلسطينية عبر الموازنة العامة منذ عام 1996 وحتى 2024 بلغ نحو 21.8 مليار دولار.

 من هذا المبلغ، ذهب 16.4 مليار دولار مباشرة إلى الخزينة العامة، بينما خصصت 5.4 مليارات دولار للمشاريع التطويرية، أي بمعدل دعم سنوي يقارب 751 مليون دولار على مدى 29 عامًا.

ذروة الدعم في 2008 وتراجع حاد لاحقًا

وتبين البيانات أن التمويل الخارجي بلغ أعلى مستوياته في عام 2008، عندما وصل إلى نحو ملياري دولار، إلا أن هذا الدعم شهد تراجعًا كبيرًا خلال العقد الأخير، حيث لم يتجاوز في عام 2023 نسبة 18% من حجم الدعم الذي كان قائمًا في عام 2008، ما يعكس انحسارًا لافتًا في المساندة الدولية.

تراجع حاد في الإيرادات العامة

أما على صعيد الإيرادات، فقد أظهرت بيانات وزارة المالية أن إجمالي الإيرادات العامة المحصلة للخزينة منذ بداية العام وحتى نهاية تشرين الأول 2025 بلغ 12.56 مليار شيقل على أساس الالتزام، مقابل 9.64 مليار شيقل على الأساس النقدي. 

ويقارن ذلك بإيرادات بلغت في الفترة نفسها من العام الماضي نحو 12 مليار شيقل التزامًا و9.73 مليار شيقل نقدًا، وفي عام 2023، كانت الإيرادات حتى تشرين الأول قد وصلت إلى 15.22 مليار شيقل التزامًا و14.5 مليار شيقل نقدًا. 

وتعني هذه الأرقام أن الإيرادات النقدية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري تراجعت بنحو 33.5%، أي أن السلطة فقدت فعليًا ما يقارب ثلث دخلها خلال عامين من الحرب.

أموال المقاصة

وتؤكد الأرقام الرسمية أن تحسن الدعم الخارجي خلال العامين الأخيرين لم يترجم إلى قدرة حقيقية على تلبية احتياجات السلطة المالية، في ظل استمرار إسرائيل في احتجاز أموال المقاصة، التي تمثل نحو 68% من إجمالي الإيرادات، وكانت قيمتها الشهرية قبل الحرب تقارب مليار شيقل.

التزامات شهرية ثقيلة وعجز مستمر

وتبلغ الالتزامات الشهرية للسلطة الفلسطينية، بما يشمل الرواتب وأشباه الرواتب للمتقاعدين والمساعدات الاجتماعية، إضافة إلى النفقات التشغيلية، نحو 1.5 مليار شيقل شهريًا، وفي ظل غياب أموال المقاصة، تبقى أي مساعدات دولية إضافية مجرد حلول مؤقتة لا تعالج جوهر الأزمة.

ديون متراكمة وأزمة هي الأخطر منذ التأسيس

ووفق المعطيات الرسمية، وصلت قيمة الأموال التي تصفها الحكومة الفلسطينية بـ“القرصنة الإسرائيلية” من أموال المقاصة إلى نحو 13 مليار شيقل. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي الدين العام والمستحقات المتراكمة على السلطة الوطنية حوالي 46.5 مليار شيقل، من بينها 7.3 مليار شيقل مستحقات متأخرة لموظفي القطاع العام. 

كل ذلك يضع السلطة الفلسطينية أمام أخطر أزمة مالية منذ تأسيسها، مع عجز واضح عن دفع الرواتب كاملة أو الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية بالوتيرة المطلوبة.

صدى نيوز