مخاوف متصاعدة من تغيير ديموغرافي وعرقلة المرحلة الثانية لوقف النار

غزة
غزة

كشفت صحيفة الشرق الأوسط، في تقريرها الصادر صباح الخميس 11 ديسمبر 2025، عن تنامي التحذيرات التي يطلقها الوسطاء الإقليميون—خاصةً الجانب المصري—إزاء التحركات الميدانية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، وهذه التحذيرات، التي تتكرر في الفترات الأخيرة، تعبر عن رفض قاطع لأي خطوة تهدف إلى تغيير الجغرافيا أو الديموغرافيا في القطاع، أو تكريس واقع جديد يقود فعلياً إلى تقسيمه.

ويرى خبراء تحدثوا للصحيفة أن حدة تلك التحذيرات تعكس مخاوف حقيقية لدى الوسطاء من أن تؤدي التحركات الإسرائيلية إلى عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وربما إفشاله بالكامل عبر فرض أمر واقع يمنع الانسحاب.

موقف مصري ثابت

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه وفداً أوروبياً برئاسة كريستوف بيجو، المبعوث الأوروبي الخاص لعملية السلام، أن القاهرة ترفض بشكل قاطع أي مخطط يستهدف تهجير الفلسطينيين أو أي تغيير في البنية الجغرافية والديموغرافية للقطاع.

وجاء ذلك بعد مواقف مماثلة عبر عنها الوزير خلال كلمته في منتدى الدوحة، حيث شدد على أن تقسيم قطاع غزة “خط أحمر”، لا يمكن القبول به تحت أي ظرف.

وفي المنتدى ذاته، حذر رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من اعتبار أن هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار ما لم تترافق الهدنة مع انسحاب إسرائيلي شامل وعودة الاستقرار إلى القطاع.

اتصالات دبلوماسية مكثفة

وفي خضم هذه الأجواء المشحونة، تلقى وزير الخارجية المصري اتصالاً من نظيره الأميركي ماركو روبيو، وناقش الطرفان مستجدات تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، وتثبيت اتفاق شرم الشيخ، إضافة إلى ترتيبات الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.

هذه المشاورات، بحسب مراقبين، تعكس حجم الضغوط المتبادلة ومحاولة كل طرف ضمان عدم انهيار الاتفاق قبل الانتقال إلى المرحلة التالية.

مخاوف فلسطينية 

يرى المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال، أن ما يجري على الأرض يشير إلى مخاوف جدية من محاولة إسرائيل إعادة تشكيل الواقع السكاني والجغرافي داخل غزة، وأشار إلى عمليات التجريف الواسعة التي أدت إلى إزالة مساحات كبيرة من الأراضي والمنازل، مما يعزز الشكوك حول نية إسرائيل تكريس وجود دائم وعدم تنفيذ الانسحاب.

ويؤكد نزال أن هذه السياسات قد تهدد الاتفاق كاملاً، خصوصاً بعد تكرار تصريحات إسرائيلية تتحدث عن حدود جديدة وخط دفاع متقدم.

منطقة عازلة جديدة بعمق 3 كيلومترات

توضح المصادر الميدانية داخل الفصائل الفلسطينية أن القوات الإسرائيلية تسعى لفرض منطقة عازلة تمتد نحو 3 كيلومترات غرب “الخط الأصفر”، وهو الخط الذي يفصل بين مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي ومناطق سيطرة حركة حماس.

وتقول المصادر إن إسرائيل “تسابق الزمن” قبل بدء المرحلة الثانية من وقف النار، عبر تدمير المنازل وتسوية الأراضي بهدف خلق مجال مفتوح يمكن اعتباره منطقة عازلة جديدة.

تصريحات عسكرية إسرائيلية تثير الجدل

خلال جولة ميدانية داخل القطاع، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أن “الخط الأصفر” سوف يعمل كحدود جديدة و”خط دفاع وهجوم” للمستوطنات، وأثارت هذه التصريحات غضب حركة حماس، حيث اعتبر عضو مكتبها السياسي حسام بدران أن إسرائيل تحاول “التهرب من الاتفاق” وفرض واقع جديد، مؤكداً أن أي نقاش حول المرحلة الثانية مشروط بالتزام تل أبيب الكامل ببنود المرحلة الأولى.

استغلال ثغرات خطة ترمب

يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور سعيد عكاشة، أن ما تقوم به إسرائيل في غزة يمثل استغلالاً واضحاً لثغرات في خطة ترمب للسلام، وأن التحركات الميدانية تجعل الاتفاق مهدداً بصورة غير مسبوقة.

وبحسب تقارير أميركية، فإن ترمب كان من المفترض أن يعلن الانتقال للمرحلة الثانية قبل عيد الميلاد، وهي مرحلة تتضمن انسحاباً إضافياً من 53% من مساحة غزة ونشر قوة دولية، إضافة إلى بدء عمل “مجلس السلام” الذي يقوده ترمب.

لقاء مرتقب بين ترمب ونتنياهو

من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر الجاري، ويعتقد عكاشة أن ترمب قد يسعى لتقييد بعض خطوات نتنياهو، لكن من دون فرض ضغط كامل، الأمر الذي يترك الاتفاق معرضاً لهزات جديدة.

ويتوقع محللون أن تتكثف جهود الوسطاء خصوصاً مصر وقطر خلال الأسابيع القادمة لإنقاذ الاتفاق وفتح الطريق نحو المرحلة الثانية.

تحذيرات ختامية

يؤكد نزار نزال أن إسرائيل تعمل فعلياً على “هندسة المرحلة الثانية” وفق ما يتماشى مع مصالحها الميدانية، محذراً من أن ذلك قد ينسف الثقة في أي اتفاق مستقبلي. 

ويرى أن الدور الأميركي سوف يكون حاسماً، خصوصاً خلال زيارة نتنياهو المقبلة للبيت الأبيض، لإعادة ضبط الوضع ومنع الانهيار الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وكالات