في خضم التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في غزة، تكشف تقارير إسرائيلية عن مفاوضات معقدة تجريها القاهرة قبل الموافقة على حضور قمة محتملة تجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبين شروط اقتصادية ضخمة ومطالب سيادية حساسة، يبدو أن القاهرة تعيد صياغة قواعد اللعبة في شرق المتوسط، بينما تواجه تل أبيب حالة ارتباك داخل دوائرها السياسية والاقتصادية.
مطالب القاهرة قبل القمة
أفاد تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت أن مصر قدمت مجموعة شروط وصفتها المصادر الإسرائيلية بأنها "باهظة وغير مسبوقة" قبل الموافقة على المشاركة في قمة تجمع السيسي ونتنياهو.
وتأتي هذه الشروط بالتزامن مع امتناع الرئيس المصري عن استقبال نتنياهو منذ بداية الحرب في غزة، وهو ما جعل أي تقارب دبلوماسي محتمل بمثابة فرصة ثمينة لإسرائيل لتلميع صورتها في المنطقة، لكنها فرصة مكلفة للغاية.
وبحسب التقرير، فإن القاهرة تربط مشاركتها باتفاق ضخم لتوريد الغاز الطبيعي من حقل "لوثيان" الإسرائيلي تصل قيمته إلى 35 مليار دولار، فيما تعتبره إسرائيل مطلبًا يفوق قدراتها التفاوضية في الظروف الراهنة.
مطالب انسحاب عسكرية
إلى جانب صفقة الغاز، تؤكد مصادر إسرائيلية أن مصر تضغط باتجاه انسحاب الجيش الإسرائيلي من:
- منطقة فيلادلفيا (الشريط الحدودي مع غزة).
- محور نتساريم داخل قطاع غزة.
وتمثل هذه المناطق بالنسبة لإسرائيل، نقاطًا حساسة في إدارة الأمن الحدودي ومكافحة عمليات تهريب الأسلحة عبر سيناء، مما يجعل الأمر من أصعب المطالب سياسيًا وأمنيًا.
غضب داخل تل أبيب
أثارت الشروط المصرية موجة استياء حادة في الأوساط السياسية والاقتصادية الإسرائيلية، ونقل مراسل يديعوت عن مسؤول كبير قوله: "منذ متى أصبحت إسرائيل تقدم الهدايا قبل اللقاءات؟ هذه المطالب تضع المصالح المصرية فوق مصالحنا!".
وأضاف المسؤول أن أي موافقة على صفقة الغاز دون ضمان التزام مصري واضح بمكافحة التهريب سوف تكون مغامرة غير محسوبة بالنسبة لإسرائيل.
ويخشى خبراء الطاقة من أن تؤدي الصفقة إلى تحجيم صادرات الغاز الإسرائيلية لدول أخرى، بالإضافة إلى خلق تبعية اقتصادية جديدة قد تضعف موقف تل أبيب في أي مفاوضات مستقبلية.
الغاز بين القاهرة وتل أبيب
من وجهة نظر مصر، فإن الصفقة حيوية للغاية، إذ تؤمن نحو 20% من احتياجات مصر الكهربائية خلال السنوات المقبلة، مما يجعلها جزءًا محوريًا من خطط القاهرة لمعالجة أزمة الطاقة، أما إسرائيل، ورغم استفادتها الاقتصادية المتوقعة من الضرائب والإتاوات، إلا أنها تخشى أن تضع الصفقة قيودًا على تنوع أسواق التصدير.
هل تلوح قمة مار-أ-لاجو في الأفق؟
رغم الخلافات المعقدة، ترى مصادر سياسية رفيعة أن هناك فرصة جيدة لإتمام الاتفاق، وبالتالي عقد القمة في منتجع مار-أ-لاجو الخاص بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وترجع هذه التوقعات إلى وجود تقاطع مصالح واضح:
- واشنطن تريد استقرارًا إقليميًا وضمان أرباح شركة "شيفرون".
- إسرائيل تسعى لإنجاز دبلوماسي يعزز صورة نتنياهو داخليًا وخارجيًا.
- مصر تبحث عن كميات ضخمة من الغاز لتلبية احتياجاتها.
عقبة إيلي كوهين
العقبة الأكبر التي تقف أمام إنهاء الاتفاق هي موقف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي يشترط توقيع اتفاق متوازن يضمن أسعارًا منخفضة لشركة الكهرباء الإسرائيلية، وتجنب أي زيادة في فواتير الكهرباء للمواطنين.
ويرى الوزير أن أي اتفاق لا يعود بمنفعة مباشرة لإسرائيل هو اتفاق "غير قابل للقبول"، وتؤكد مصادر سياسية أن المفاوضات تتقدم بسرعة، وأن الحل قد يصبح قريبًا إذا تم التوصل إلى صيغة ترضي القاهرة والقدس في الوقت نفسه.
ماذا لو انعقدت القمة؟
إذا تمت القمة، فسوف تكون أول لقاء مباشر بين السيسي ونتنياهو منذ بدء الحرب في غزة بعد أن رفض الرئيس المصري المشاركة في قمة سابقة بشرم الشيخ، ومن المتوقع أن تحمل القمة – إن عقدت – ملامح إعادة رسم تحالفات جديدة أو تثبيت تفاهمات استراتيجية في شرق المتوسط.
