وسط الدمار الواسع والحصار الخانق، تصدر "الأونروا" تحذيرًا خطيرًا بشأن مستقبل الحياة في غزة، مؤكدة أن ما يحدث في القطاع تجاوز حدود الكارثة وأصبح أقرب إلى انهيار شامل يفوق قدرة أي منظمة إنسانية على الاستجابة، وتكشف تصريحات الوكالة حجم المأساة اليومية التي يعيشها ملايين المدنيين، في ظل منع الإمدادات الحيوية ودمار البنية التحتية وتفاقم أزمة النزوح بسبب العواصف الشتوية.
تحذيرات غير مسبوقة من الأونروا
أكد المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، أن الظروف التي تعيشها غزة اليوم لا تشبه أي أزمة إنسانية شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع إجراءات ممنهجة تجعل القطاع غير قابل للحياة، بدءًا من تعطيل العمل الإنساني مرورًا بمنع دخول المواد الأساسية، وصولًا إلى اقتحام مقر الوكالة في القدس ومصادرة معداتها وإنزال علم الأمم المتحدة.
ووصف أبو حسنة الوضع المتدهور بأنه "تسونامي إنساني" لا تملك الوكالة ولا أي مؤسسة إغاثية القدرة على احتوائه، مؤكدًا أن النقص الحاد في الإمدادات مستمر منذ وقف إطلاق النار، وأن كل الجهود تصطدم بمنع الاحتلال إدخال المساعدات.
شاحنات متوقفة عند الحدود
كشف المتحدث أن آلاف الشاحنات المحملة بالخيام والبطانيات والغذاء تنتظر منذ أسابيع على أبواب قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الكميات المتراكمة تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
لكن الاحتلال، بحسب أبو حسنة، يرفض السماح بدخول هذه الشحنات، مما يزيد من تدهور الأوضاع الصحية والإنسانية، ويجعل السكان في مواجهة مباشرة مع الجوع، والمرض، والبرد.
المنخفض الجوي يفاقم الكارثة
أشار المتحدث إلى أن موجة الأمطار الأخيرة كشفت هشاشة أوضاع مئات آلاف النازحين، سواء داخل الملاجئ أو في محيطها، حيث تفتقر الخيام لأبسط معايير الصمود أمام تقلبات الطقس.
وبحسب "الأونروا" يوجد 77 ألف نازح موزعين على 85 مركز إيواء، ومعظم هذه المراكز تعمل فوق طاقتها الفعلية، فيما تتفاقم معاناة السكان بسبب غرق مساحات واسعة بالمياه والطين.
غرق المخيمات
تسببت العاصفة الجوية الأخيرة في دمار واسع داخل مخيمات النزوح، حيث غمرت مياه الأمطار عددًا كبيرًا من التجمعات المؤقتة وتضررت أكثر من 125 ألف خيمة بشكل مباشر، وأصبح ما يقرب من 288 ألف أسرة بلا مأوى فعال، وجاءت هذه الخسائر في وقت تعاني فيه غزة من شلل شبه كامل للبنية التحتية، وغياب شبكات تصريف المياه، وانقطاع موارد الطاقة والوقود.
برد قاتل وحالات وفاة
أدت موجة البرد إلى تصاعد الخطر على الأطفال وكبار السن، وسجلت حالات وفاة مرتبطة بانخفاض الحرارة، بينها وفاة مأساوية لرضيعة في خان يونس، نتيجة تدهور الظروف الصحية وعدم توفر تدفئة أو رعاية طبية مناسبة.
كما تعطلت عدة عيادات متنقلة وخدمات طبية بسبب المياه والرياح، ما جعل آلاف المرضى بلا رعاية أساسية، بينما تستغيث المستشفيات المحدودة المتبقية بإمدادات الوقود والمستلزمات.
تحذيرات من انهيار شامل
تحذر بلدية غزة والمنظمات الإغاثية من أن تداخل الكارثة المناخية مع الدمار الحربي قد يؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة المدنية، بما يشمل:
- تعطل أنظمة الصرف الصحي.
- تلوث المياه.
- انتشار الأمراض.
- وفقدان القدرة على حماية النازحين من الأمطار والسيول.
كل ذلك يجري بينما عشرات الآلاف يفترشون الأرض دون غطاء، في خيام مهترئة لا تقوى على مقاومة الرياح أو المطر.
