على نار هادئة

بقلم: ميسون كحيل

متابعة الأحداث التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة والقدس والشتات تؤكد تماماً أن هناك مخططاً كاملاً لإنهاء القضية الفلسطينية وإيقاف مشروع قيام الدولة الفلسطينية حسب ما يتمناه الفلسطينيون أو ما تتضمنه قرارات الشرعية الدولية. فالحقيقة الراسخة الآن هي تحكم كامل للولايات المتحدة الأمريكية بالسياسة الدولية بما لا يسمح لبقية دول العالم بتنفيذ قراراتها مهما اتخذت هذه الدول من مواقف. وفي الجانب الآخر تواصل إسرائيل تنفيذ مشروعها التوسعي بغطاء أمريكي ومبررات واهية! ففي قطاع غزة لم تتوقف الحرب كما أشرنا سابقاً، إذ إن قرار وقف الحرب كان القصد منه تغيير شكل الاستهداف مع استسلام واضح لحركة حماس ومن لف لفها في مشروعهم المقاوم وما يسمى محور المقاومة.

قطاع غزة بشكل أو بآخر سيشهد احتلالاً من نوع آخر بعد إتمام بعض الخطوات الأمريكية ـ الإسرائيلية المشتركة لتفريغ القطاع ما أمكن من السكان إلى الحد الذي لا يعطل مخطط ترامب ـ نتنياهو، ومن خلال مسرحية إظهار أي اختلاف بينهما وسياسة ترامب التي تحمل عنواناً واضحاً مفاده "شاهد ما شفش حاجة". وتنطبق هذه المسرحية التي تأخذ أبعاداً أخرى في الضفة الغربية والقدس من سرقة الأراضي وهدم المنازل وإطلاق يد المستوطنين وإقامة حدود جديدة لأراضي الضفة الغربية على شكل كانتونات صغيرة تحكمها البلديات بطرق جديدة تفصل التداخل مع طرق وممرات ومدن تابعة لدولة الاحتلال. أما القدس فقد حُسم أمرها تحت سلطة الاحتلال بالكامل مع الأخذ بشكل ضيق بالحالات الدينية للمدينة. وفي نظرة إلى الشعب الفلسطيني في الشتات فإن العمل جارٍ على إنهاء كامل للمخيمات الفلسطينية مع دمج بعض سكان المخيمات في دول الضيافة وترحيل البعض الآخر إلى دول أخرى لمنحهم حق المواطنة في هذه الدول، وسيتم إلغاء الترابط بين سكان المخيمات والوطن المحتل والأنروا وعدم التعامل مع الوثائق الفلسطينية تدريجياً.

أما هذا المخطط الكبير، ومع العجز الدولي عن مواجهة ما يحدث، فإن الولايات المتحدة تعمل أيضاً على إقناع دول العالم بأن الحل في الشرق الأوسط لا يمكن أن يحصل إلا بإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية (المستنقع الإرهابي) كما تراه الولايات المتحدة الأمريكية. وعليه سيتم إنهاء الخلافات وترسيم الحدود وعقد اتفاقيات سلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان، وإيجاد حلول للفلسطينيين الذين يقيمون على أراضي الدولتين ما بين المواطنة والترحيل.

في الجهة المقابلة يتواصل الصمت العربي أو التحدث بخجل عمّا يحدث، وفي ذات الوقت توفر عدد من هذه الدول الموافقة العربية لهذه السياسة الأمريكية واستعدادها للمساعدة في إتمام هذا المخطط. أما فلسطينياً فلا تزال حماس الورقة الرابحة للاحتلال منذ مرحلة عرفات والتفجيرات إلى الآن مروراً بالحروب المصطنعة وحكاية السابع من أكتوبر. أما السلطة فقد باتت ورقة قريبة من انتهاء صلاحيتها، ولم يتبق منها سوى بلديات تقدم الخدمات. وبدلاً من أن تراعي حركة حماس الله في شعبنا تستمر في منح إسرائيل الفرصة للقيام بما تريد، كما أن السلطة الفلسطينية التي تحاول تثبيت أقدامها لن تستطيع، لأن أكثر من نصف الفلسطينيين أصبحوا لا يؤمنون بقدرة السلطة على حمايتهم أو توفير أدنى مقومات الحياة لهم، وهي مشغولة بنفسها، والمحاولات التي تقوم بها تفتقد إلى الواقعية.

إن كل ما يجري الآن مخطط لا يزال في بدايته، وحتماً سيتحقق ما لم يكن هناك موقف وطني فلسطيني يكمن أولاً في إنكار الذات ونبذ الفصائلية وتكثيف العمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني والالتفاف الشعبي مع إعلان واضح باعتبار الأراضي الفلسطينية منطقة محظورة على الإسرائيليين سواء جيشاً أو مستوطنين، واتخاذ قرار المواجهة في حال الاعتداء عليها. فما هي خربانة خربانة، فإما ذلك أو ترقب المخطط الأمريكي ـ الإسرائيلي الذي يتم على نار هادئة!

كاتم الصوت: حركة حماس لا تزال تتوسل، تطالب بوقف الاستهدافات. ليس من أجل الناس... بل من أجل نفسها!!

كلام في سرك: أخبار عن نشاط عقاري في قطاع غزة، شراء وبيع! يا سلام. أنا أجزم بمن يكون البائع، لكن من يعرف الشاري؟

رسالة: أنت شخص مضحك، مصدق حالك أنك نائب. والله ما بشتريك بأغورة أنت وفصيلك يا مجرور ويا تابع. احتفظ بالأسماء.

البوابة 24