تصريحات نارية من دبلوماسي إسرائيلي سابق تشعل الجدل في القاهرة

علم مصر وإسرائيل
علم مصر وإسرائيل

وجه ديفيد غوفرين، السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر، هجومًا حادًا على الخطاب الإعلامي المصري الذي وصفه بالمعادي لإسرائيل، محذرًا من أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو أدنى مستوياتها منذ توقيع اتفاق السلام عام 1979.

تحذير من تدهور العلاقات

وشدد "غوفرين"، على أن العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية تشهد تراجعًا مقلقًا، مشيرًا إلى أن المؤشرات الحالية تنذر بانحدار غير مسبوق منذ إبرام معاهدة السلام قبل أكثر من أربعة عقود.

الغاز بوابة السياسة

وأكد السفير الإسرائيلي السابق لدى القاهرة، على أن اتفاق الغاز الأخير بين إسرائيل ومصر لا يمثل مجرد إنجاز اقتصادي، بل يشكل فرصة سياسية استراتيجية يتعين على إسرائيل استثمارها لإعادة إحياء قنوات الحوار السياسي المباشر مع القاهرة، التي تعاني، بحسب وصفه، من حالة شلل شبه تام.

ولفت "السفير"، إلى جملة من الدلائل التي تعكس تراجع العلاقات الثنائية، من بينها الانتهاكات المتكررة لبنود اتفاق السلام في سيناء، وتصاعد نشاط الطائرات المسيرة على امتداد الحدود، وغياب السفراء في كل من القاهرة وتل أبيب لأكثر من 18 شهرًا، إضافة إلى تصاعد نبرة الخطاب الإعلامي المصري المعادي لإسرائيل، لا سيما بعد الحرب على قطاع غزة.

قمة منتظرة وتساؤلات

كما تساءل "السفير"، عما إذا كانت قمة محتملة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ستعقد قريبًا في واشنطن برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن اللقاءات الثنائية يجب أن تعقد داخل المنطقة نفسها، وليس في عواصم بعيدة، من أجل تعزيز المصداقية وترسيخ الاستقرار الاستراتيجي.

تطبيع مرفوض شعبياً

وفي السياق ذاته، أوضح "السفير"، أن مصر، وبعد مرور 46 عامًا على توقيع اتفاق السلام، لا تزال في موقف متردد، قائلاً إنها "تمشي مع إسرائيل وتشعر دونها"، في إشارة إلى أن التطبيع مع إسرائيل ما زال ينظر إليه في الشارع المصري على أنه "قطعة قماش حمراء"، حتى عندما يكون التعاون في مصلحة مباشرة للمواطنين.

وشدد "السفير"، على أن الاتفاق الحالي هو الثاني من نوعه، وينص على تصدير كميات من الغاز تزيد على ضعف ما تم الاتفاق عليه في صفقة عام 2018، ما يربط البلدين بالتزام طويل الأمد ويعمّق الاعتماد المتبادل بينهما.

وأضاف "السفير"، أن القاهرة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 120 مليون نسمة، تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجاتها الصناعية والسكانية، خاصة في ظل أزمة اقتصادية خانقة تتجاوز فيها الديون الخارجية 155 مليار دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف احتياطياتها من النقد الأجنبي.

مكسب بلا خسارة

وفي سياق متصل، تابع "السفير"، أن أي بديل آخر لاستيراد الغاز كان سيشكل عبئًا أكبر على الاقتصاد المصري، ما يجعل الاتفاق الحالي مكسبًا مزدوجًا للطرفين، دون أن يمثل خسارة لأي منهما.

وذهب "السفير"، إلى أن هذا النموذج يعكس إمكانية أن يثمر السلام تعاونًا مربحًا للطرفين، قائلاً: "هذه هي ثمار السلام، ويجب تسويقها على هذا الأساس".

غزة تغير المشهد

وأشار "السفير"، إلى أن الظروف الحالية تختلف عن تلك التي سادت عام 2018، عندما وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي الاتفاق الأول بأنه "ضربة معلم" وتمكن من تجاوز الانتقادات الداخلية نسبيًا، أما اليوم، فإن الحرب على غزة رفعت منسوب الحساسية في الرأي العام المصري تجاه أي تقارب علني مع إسرائيل.

تابع "السفير"، أن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية سارع هذه المرة إلى التقليل من الطابع السياسي للاتفاق، محاولًا تقديمه كصفقة تجارية بين شركات أميركية ومصرية، وكأن الغاز المستخرج من المياه الاقتصادية الإسرائيلية "ليس غازًا إسرائيليًا"، كما نبه إلى أن جماعة الإخوان المسلمين أصدرت بيانًا يدين الاتفاق، ما يعكس استمرار الرفض الشعبي للتطبيع.

وسلط "السفير"، الضوء على الأهمية الإقليمية للاتفاق، لا سيما في مواجهة التوسع التركي في شرق البحر المتوسط. وذكر أنه شارك شخصيًا عام 2019 في المبادرة المصرية التي أسفرت عن تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط"، بمشاركة إسرائيل ومصر وقبرص واليونان والأردن وفلسطين وإيطاليا، ردًا على مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية، والتي سعت من خلالها إلى فرض مناطق اقتصادية تهدد مصالح دول المنطقة.

كما أوضح "السفير"، أن مصر تؤدي دورًا محوريًا في تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر محطتي الإسالة الوحيدتين في المنطقة، إدكو ودمياط، في ظل عدم وجود خط أنابيب مباشر يربط بين إسرائيل وقبرص.

ودعا "السفير"، إلى اعتماد الحوار المباشر دون وسطاء، معتبرًا أنه الطريق الأمثل لبناء الثقة وتعزيز التفاهم وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين.

روسيا اليوم