كشفت مصادر مطلعة عن انخراط الولايات المتحدة في مشاورات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة خلال الشهر المقبل، في إطار سعي واشنطن إلى تثبيت المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بعد تعثرات متكررة هددت مسار التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس.
ضخ زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار
وبحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ" عن أشخاص مطلعين على مجريات النقاشات، فإن الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع عدد من حلفائها، تحاول إعادة إحياء المبادرة السياسية المرتبطة بوقف إطلاق النار، عبر إطلاق مسار اقتصادي–سياسي يواكب الترتيبات الأمنية، ويمنح الاتفاق دفعة جديدة بعد سلسلة من الانتكاسات.
وأفادت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية المباحثات، بأن عدة عواصم مطروحة لاستضافة مؤتمر الإعمار من بينها العاصمة الأمريكية واشنطن، كما برزت القاهرة كأحد الخيارات الرئيسية بالنظر إلى دورها المحوري في ملف غزة وعلاقاتها المباشرة بالأطراف المعنية.
شرط أساسي قبل إطلاق المؤتمر
وأشارت المعلومات إلى أن الانتقال من مرحلة المشاورات إلى عقد المؤتمر فعليًا يبقى مرهونًا بالإعلان الرسمي عن تشكيل "مجلس السلام"، وهو الكيان المزمع أن يتولى إدارة المرحلة الانتقالية في قطاع غزة، تنفيذًا لبنود الاتفاق الموقع في أكتوبر الماضي، وبدون هذه الخطوة.ترى واشنطن أن أي مؤتمر سيكون سابقًا لأوانه.
وينظر إلى المؤتمر المرتقب باعتباره حجر الزاوية في مساعٍ دولية أوسع لدفع "خطة السلام" التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تتكون من 20 بندًا جرى إقرارها بالتوازي مع اتفاق وقف إطلاق النار، وتهدف الخطة إلى الانتقال من إدارة الأزمة إلى معالجة جذورها السياسية والأمنية والاقتصادية.
من وقف النار إلى إدارة طويلة الأمد
وبحسب التصور الأمريكي، جرى تقسيم الخطة إلى مرحلتين أساسيتين، تمثلت المرحلة الأولى في وقف العمليات العسكرية وتأمين الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حركة حماس خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.
أما المرحلة الثانية، وهي الأكثر تعقيدًا، فتسعى إلى وضع ترتيبات دائمة لإدارة قطاع غزة، تشمل نزع سلاح حركة حماس وتشكيل قوة دولية تتولى مهام حفظ الاستقرار ومنع تجدد المواجهات.
غموض حول مجلس السلام والقوة الدولية
ورغم أن هوية أعضاء "مجلس السلام" المقترح وتفاصيل تشكيل القوة الدولية لم تعلن بعد، فإن المؤتمر الدولي المنتظر يهدف إلى تأمين الدعم المالي والسياسي اللازم لترجمة بنود اتفاق أكتوبر إلى خطوات عملية على الأرض.
وتخلص التقديرات إلى أن الهدف الأساسي من مؤتمر إعمار غزة لا يقتصر على إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل يتعداه إلى إنشاء إطار دولي يضمن استدامة التهدئة ومنع الانزلاق مجددًا إلى دوامة الصراع، عبر ربط الإعمار بترتيبات سياسية وأمنية طويلة الأمد تحظى بدعم دولي واسع.
