البوابة 24

البوابة 24

قعقعة السلاح تعلو على صوت الحوار

جلال نشوان
جلال نشوان

روسيا تراكم من جيشها على الحدود مع أوكرانيا، والمشهد في غاية التعقيد، وكل طرف يهيئ نفسه لحرب ضروس، قد تؤتي على الأخضر واليابس،

بوتين  ماض حتى النهاية ، لأن حلف الناتو يقترب من حدود بلده ، وبالرغم من أجواء التوتر بين الطرفين ، الا أن هناك فرصة لنزع فتيل الأزمة

وفي الحقيقة :

أن المستقبل القريب سيشهد تسويات وحلولاً مباشرة في القضية الروسية الأوكرانية، وعلى قاعدة عض الأصابع ، وأيهما سيتألم قبل الآخر

الولايات المتحدةالامريكية تخوض معركة دبلوماسية تهدف إلى جرّ روسيا إلى مساحة مفتوحة من التصفيات السياسية التي ترغب أمريكا في مناقشتها مع روسيا وسيكون غطاء هذا الحوار الموسع هو القضية الأوكرانية، التي تستنفر الإدارة الأمريكية كلها بالحديث عنها، فوزيرا الخارجية والدفاع والرئيس الأمريكي يناقشون وبشكل يومي القضية الأوكرانية وتلك الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا، والتي تراقبها أمريكا بدقة عبر تقنياتها الفضائية وصورها الجوية.

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً :

هل دقت ساعة الحرب ؟

أن شكل الصراع الأمريكي الروسي ، هو صراع ، من يحكم العالم ، فلقد دأبت أمريكا على قهر الشعوب ونهب خيراتها ،وانها القوة التي لا تضاهيها قوة في العالم ، خاصة بعد أنهيار الاتحاد السوفيتي وهو أيضاً يمكن أن نطلق عليه أنه تنافس قطبي، فما يحدث اليوم بين أمريكا وروسيا يدور "تحت سمع وبصر العالم كله وأمريكا تشعر أنه بعد إسقاط الاتحاد السوفييتي لم يعد أمامها تحد كبير في كل أوروبا، ولذلك يسعى البيت الأبيض إلى انزال بوتين من أعلى الشجرة وفرض حقيقة أن أمريكا لن تتخلى عن دورها القيادي في أوروبا، وأن هذا الدور مستمر حتى النهاية.

وما يميز سخونة المشهد وتصاعد التوتر والقلق بشأن الأزمة الأوكرانية ، التشدد فى الخطاب السياسى المتبادل بين موسكو وواشنطن و فى تصاعد أصوات قعقعة السلاح فى عدد من عواصم حلف الأطلنطى ، التى ترفع من درجة حرارة التوتر والقلق وعرقلة جهود السلام والتوفيق وقطع الطريق على إمكانية احتكام روسيا وأوكرانيا لمائدة تفاوض يدور حولها نقاش جاد وصريح يتناول حجج كل طرف منهما وما يملكه من معطيات على الأرض.

روسيا تواصل حشد قواتها على طول الحدود مع أوكرانيا وهذا الذى يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها المبررات والذرائع للدخول المباشر على خط الأزمة تحت مسمى الدعم وضع قوات حلف الأطلنطى على درجة عالية من الجاهزية، وبحث إمكانية التدخل السريع فى شرق أوروبا وتلك تطورات تساهم في زيادة الإختقان و من حدة الصراع وتكاد أن تغلق تماما أبواب الحوار.

إن قعقعة السلاح دون إطلاق الرصاص بدأ يعلو صوتها مع تنامى حشودات روسيا وواشنطن وحلفائها، على خطوط الجبهة المواجهة ، وهذا فى حد ذاته تطور بالغ الخطورة ، وينبئ بتطورات قد تصل إلى الصدام.

وهنا نتساءل :

هل قرع طبول الحرب أصبح واقعاً ، أم أن الأمور تتجه إلى سياسة الابتزاز ، وأيهما يحقق مكاسب على طاولة الحوار ؟

إذا حدث ذلك، فإن له تداعيات بالغة الخطورة ، وستصاب البشرية بكوارث أشد فتكاً من الأوبئة التي أنهكت العالم.

من يتابع الخطاب السياسي الكرملين ، يقرأ أن الرئيس بوتين لن يتزحزح خطوة واحدة عن مطلبه بإزالة أية مظاهر للاستفزاز العسكرى من جانب أمريكا وحلف الأطلنطى فى أوروبا الشرقية فإن إشارات عديدة صدرت من واشنطن تقول بأن رهان الروس على حرص الرئيس بايدن على عدم الذهاب بعيدا فى لعبة التصعيد العسكرى هو رهان خاطئ وأن بايدن على وشك أن يمضى فى الشوط إلى آخره وفق حسابات دقيقة توفر الدعم الكافى لأوكرانيا وتعزيز مقدرتها على مواجهة أى غزو روسى محتمل ودون أن يتراجع بايدن عن التزامه للأمريكيين بعدم التورط فى مغامرات عسكرية جديدة لا تستوجبها الضرورات المسلحة لحماية المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية على المدى القريب والمدى البعيد!.

وغني عن التعريف ، عندما تسلم قيصر روسيا مقاليد السلطة وضع نصب عينيه ، استعادة نفوذه والسيطرة على مناطقه السابقة، وبدأ هذا بمقاربة أكثر دقة في مطلع عام 2000، ولكن عندما تمت الإطاحة بمرشح بوتين المفضل في الانتخابات الأوكرانية لعام 2004 وهو (فيكتور يانوكوفيتش) بدأت الأمور تتغير، ومع صعود نجم مرشح المعارضة الموالية للغرب( فيكتور يوشينكو)، بدأ بوتين يلملم أوراقه بعناية والاستعداد لمجابهة الأطماع الأمريكية والغربية وبلغت ذروة الإستعدادات الروسية بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.

الصراع يشتد بين الروس والامريكان، والإحتقان سيد الموقف وكل طرف يسابق الزمن من الوصول إلى أهدافه.

وربما بين عشية وضحاها، تهدأ الامور وينصاع الطرفان إلى صوت العقل والجلوس على طاولة الحوار ليعلو صوت العقل على قعقعة السلاح.

البوابة 24