أكد "الخبراء" أن ملف إعادة إعمار غزة يمكن أن يستخدم كورقة ضغط على الفلسطينيين، بما في ذلك السلطة الفلسطينية وحركة حماس، مشددين على أن الحكومة الإسرائيلية ستفرض عقبات كبيرة تعيق أي تقدم في هذا الملف.
إعادة إعمار غزة
ويشار إلى أن إعادة إعمار القطاع تحتاج إلى مليارات الدولارات وأكثر من عقد كامل من الزمن لإتمام عملية إعادة الإعمار، كما أن تنفيذ ذلك مشروط بموافقة إسرائيل على إدخال المعدات والآليات الثقيلة اللازمة لإزالة الأنقاض، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا عبر دعم دولي وخطة واضحة وشاملة.
وبحسب التقديرات، فإن الحرب الإسرائيلية تسببت في دمار أكثر من 80% من القطاع، ما يعادل 50 مليون طن من الركام، وهو حجم ضخم يتطلب تصريفه نحو خمس سنوات، وفي المقابل، تقدر تكلفة إعادة الإعمار بنحو 40 مليار دولار، مما يعقد الملف بشكل إضافي.
عرقلة إسرائيلية
وفي هذا الإطار، أشار المحلل السياسي جهاد حمد، إلى أن "إسرائيل تعرف جيدًا أهمية إعادة إعمار غزة بالنسبة لكافة الأطراف الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو القطاع"، لافتًا إلى أنها لن تقدم أي تسهيلات دون مقابل، بل ستسعى إلى عرقلة الملف.
وأضاف "حمد"، أن "إسرائيل هي الجهة الوحيدة القادرة على تسهيل إعادة الإعمار أو تعطيله"، مؤكدًا أنها لن تسمح بدخول المعدات الثقيلة إلا بعد مماطلة طويلة، وبشروط وتنازلات من الجانب الفلسطيني.
وتابع "الخبير السياسي": "حكومة بنيامين نتنياهو تسعى لتأخير إعادة الإعمار لأطول فترة ممكنة، إذ أن ذلك يدعم فرص نجاح مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القطاع، كما يساهم في تعزيز بقاء الائتلاف الحاكم الذي يسعى إلى فرض السيادة على أجزاء من غزة".
كما لفت "الخبير السياسي"، إلى أن "ملف إعادة الإعمار سيظل موضع جدل ونقاش معقد لسنوات، قبل أن توافق إسرائيل على استئنافه جزئيًا"، موضحًا أن هناك تحديًا آخر يتمثل في إمكانية تأمين الدعم المالي والدولي لإعادة الإعمار، خاصة في ظل حجم الدمار الهائل الذي أصاب مدن القطاع.
شروط أمنية
من جانبها، كشف الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، أن "إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين حرية إعادة إعمار القطاع، بل ستفرض شروطًا معقدة، على رأسها ضرورة تشكيل هيئة دولية تتولى الإشراف على الملف، مع ضمان عدم استفادة حركة حماس من الأموال المخصصة للإعمار".
وأردف "أبو زايدة"، أن "إسرائيل ستسعى إلى فرض شروط أمنية صارمة، لا سيما فيما يتعلق بالمناطق العازلة التي تشمل الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية للقطاع، ولن توافق على تسهيل عملية الإعمار دون تحقيق هذه الشروط".
وأشار "أبو زايدة"، إلى أنه "لن يكون هناك قبول إسرائيلي لاستئناف إعادة الإعمار دون ضغط أمريكي واضح، إلى جانب وجود هيئة دولية للإشراف على العملية"، مبينًا أن استمرار الانقسام الفلسطيني والخلافات الداخلية قد يشكلان عقبة إضافية أمام تنفيذ المشروع.
واستطرد "أبو زايدة"، أن عملية إعادة الإعمار لن تبدأ فعليًا إلا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي للحرب، وما يتطلبه ذلك من تقديم حركة حماس تنازلات سياسية وأمنية، مشددًا على أن العوائق الإسرائيلية ستظل تحديًا أمام الدول المانحة الراغبة في دعم إعمار غزة.
واختتم "أبو زايدة"، حديثه قائلًا: "بتقديري، فإن إعادة إعمار غزة ستسير بوتيرة بطيئة للغاية، إذ أن استمرار الوضع الكارثي في القطاع يخدم المصالح الأمنية لإسرائيل، كما يتماشى مع مخططات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما قد يدفع السكان إلى الهجرة الطوعية تحت وطأة الأوضاع المأساوية".