مع دخول الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ، يترقب المسلمون في أنحاء العالم ليلة القدر، تلك الليلة التي وصفها الله في كتابه الكريم بأنها "خير من ألف شهر". ويرى العلماء أن موعدها يقع في إحدى الليالي الوترية من العشر الأواخر، إلا أن تحديدها بدقة لا يزال مجهولًا، وذلك لحكمة إلهية تهدف إلى دفع المؤمنين للاجتهاد في العبادة طوال هذه الليالي المباركة.
هل ليلة 25 رمضان هي ليلة القدر؟
لا يوجد دليل قاطع يحدد ليلة القدر في يوم معين من ليالي العشر الأواخر من رمضان، ولكن ورد في الأحاديث النبوية أن ليلة القدر تكون في الليالي الوترية، أي إحدى ليالي: 21، 23، 25، 27، أو 29 رمضان.
وبالنسبة لليلة 25 رمضان، فقد رجّح بعض العلماء احتمال كونها ليلة القدر، استنادًا إلى حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حيث قال النبي ﷺ: "التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" (رواه البخاري)، مما يشير إلى أنها قد تكون في الليالي الوترية ومنها ليلة 25.
لكن بما أن تحديدها غير مؤكد، فإن الحكمة من ذلك هي أن يجتهد المسلم في العبادة والطاعة في جميع الليالي العشر الأخيرة، حتى ينال فضل هذه الليلة العظيمة بغض النظر عن توقيتها الدقيق.
علامات ليلة القدر في رمضان
بحسب الأحاديث الشريفة، هناك علامات يستدل بها على ليلة القدر، من أبرزها:
-
السكينة والطمأنينة: يشعر المؤمن براحة نفسية وسكينة غير معتادة.
-
اعتدال الجو: لا تكون حارة ولا باردة، بل يسودها جو لطيف.
-
شروق الشمس بدون شعاع: ففي صبيحة ليلة القدر، تكون الشمس بيضاء نقية دون أشعة قوية.
-
كثرة الملائكة في الأرض: حيث تنزل بأعداد تفوق الحصى، كما ورد في بعض الآثار.
تحري ليلة القدر وحكمة إخفاء موعدها
ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ خرج ليخبر الصحابة بموعد ليلة القدر، لكن بسبب خلاف وقع بين رجلين، رُفع العلم بموعدها، فقال النبي ﷺ: "التمسوها في السبع والتسع والخمس"، أي في الليالي الفردية من العشر الأواخر.
ورغم أن كثيرًا من العلماء يرجحون وقوعها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، إلا أن المسلم مطالب بالسعي في العبادة خلال جميع الليالي الوترية، حتى يدرك فضل هذه الليلة العظيمة التي تُكتب فيها المقادير ويستجاب فيها الدعاء.
فضل ليلة القدر وأهميتها
ليلة القدر ليست مجرد ليلة ذات أجر مضاعف، بل هي ليلة تتنزل فيها الملائكة والروح بأمر الله، وفيها يغفر الله لعباده ويمحو ذنوبهم، ويكتب لهم الخير في عامهم المقبل. لذا، يحرص المسلمون على الاجتهاد في الصلاة والذكر وقراءة القرآن، أملاً في إدراك هذه الليلة المباركة.
ختامًا، تبقى ليلة القدر فرصة عظيمة لا تُعوَّض، ودعوة مفتوحة لكل مسلم للاستزادة من الطاعات، فمن حُرم خيرها فقد حُرم خيرًا كثيرًا.