كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أن الإدارة الأميركية قدّمت دعماً كاملاً لإسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية، بهدف الضغط على حركة "حماس" للقبول بالمبادرة الأميركية التي تتضمن إطلاق نصف المحتجزين الإسرائيليين.
وعلى الرغم من أن القيادة الإسرائيلية تتحدث عن عملية طويلة تمتد لأشهر وربما عامين، إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب حدد مهلة زمنية قصيرة لا تتجاوز بضعة أسابيع لتنفيذ هذا التصعيد العسكري.
اقرأ أيضًا:
- تحت نيران الاحتلال.. سكان غزة يرون معاناة النزوح مرة أخرى من رفح
- يكذب الرواية الإسرائيلية.. فيديو يوثق إعدام المسعفين بدم بارد في رفح
الضوء الأخضر
ووفقاً لمصدر مقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن اختفاء مبعوث ترمب الخاص، ستيف ويتكوف، عن المشهد، هو جزء من خطة أميركية تأثرت برفض "حماس" للعرض الذي يقضي بالإفراج عن خمسة محتجزين – من بينهم الأميركي ألكسندر – وخمس جثث إسرائيلية، مقابل هدنة تمتد خمسين يوماً.
وتشير الخطة إلى أن واشنطن منحت إسرائيل هامشاً مفتوحاً لتطبيق استراتيجيتها بعيدة المدى في غزة، والتي تشمل القضاء على بنية "حماس" المدنية والعسكرية.
وفي هذا الإطار، ركزت العمليات الإسرائيلية الأخيرة على اغتيال عدد كبير من قادة "حماس" الميدانيين والكوادر الحكومية الذين تعتبرهم تل أبيب من عناصر الحركة، ما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص، من بينهم أفراد عائلات كاملة.
كما استعاد الجيش الإسرائيلي السيطرة على مناطق واسعة شمال ووسط وجنوب القطاع، في إطار خطط توسيع "الحزام الأمني" الذي تسعى إسرائيل للإبقاء عليه كجزء من أي تسوية قادمة.
وأفادت مصادر عسكرية بأن إسرائيل تعتزم فرض سيطرتها على 40% من مساحة قطاع غزة خلال أيام، عبر تقسيمه إلى أربع مناطق يفصل بينها البحر والبر، تشمل محاور عسكرية مثل "موراج" الذي يفصل رفح عن بقية القطاع، و"نتساريم" الذي يقسم غزة إلى شطرين، إضافة إلى محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وقد أنشئت أيضاً تجمعات سكانية محاصرة خاضعة لإدارة ذاتية مدنية، لكنها واقعة تحت قصف مستمر.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن هذه العمليات ليست الحرب الكبرى التي وعد بها رئيس الأركان إيال زمير، بل خطوات تمهيدية، وسط مخاوف من كمائن حماس التي اختفت عن المشهد في الأسابيع الأخيرة.
وتجنباً لخيارات مكلفة، تحجم إسرائيل عن شن اجتياح بري شامل أو استدعاء الاحتياط، خصوصاً مع انخفاض نسب الاستجابة لأوامر التجنيد إلى أقل من 50%.
وقف العمليات العسكرية
سياسيًا، أكدت مصادر أخرى أن إسرائيل مستعدة لوقف عملياتها العسكرية في حال وافقت حماس على إطلاق 11 محتجزًا من أصل 21 يعتقد أنهم أحياء، من بين 59 محتجزًا لا يزالون لدى الحركة، غير أن حماس تصر على وقف الحرب أولاً، وبالرغم من ذلك، فإن الوسطاء متفائلون بإمكانية الوصول إلى تفاهمات معدلة.
في ظل هذا التصعيد، يستمر الفلسطينيون في دفع الثمن الباهظ، من اغتيالات وقصف ودمار ونزوح، كما حدث في حي التفاح بمدينة غزة، حيث استشهد أكثر من 31 شخصًا إثر قصف مدرسة تحولت لمأوى.
وفي مقال مؤثر، استحضر الكاتب اليساري جدعون ليفي "مجزرة قانا" في لبنان عام 1996، التي قتل فيها أكثر من 100 مدني تحت قصف إسرائيلي لموقع تابع للأمم المتحدة، مؤكدًا أن "كابوس قانا" لم يعد يقيد إسرائيل كما في السابق.
فاليوم، يقول ليفي، تنفذ إسرائيل مجازر يومية في غزة دون أي محاسبة أو رادع دولي، بعدما تلاشى الضمير العالمي، وبات بإمكان الحكومة الإسرائيلية تنفيذ ما تشاء دون خوف من العواقب.