أكد الكاتب المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إسماعيل مسلماني، أن حالة الانقسام الداخلي في إسرائيل قد وصلت إلى مستوى بالغ الخطورة، مشيرًا إلى أن هذه الانقسامات لم تعد مقتصرة على الساحة السياسية فقط، بل امتدت إلى المؤسسة العسكرية نفسها، وهو ما ينذر بتداعيات كبيرة تمس استقرار كيان الاحتلال وأمنه القومي ومستقبله السياسي.
وأوضح مسلماني، أن الرفض المتصاعد للخدمة العسكرية، خاصة من جنود الاحتياط في وحدات النخبة كالقوات الجوية والمدرعات، بالإضافة إلى فئات من الأطباء والأكاديميين، يعكس وجود أزمة بنيوية عميقة تهدد تماسك الجيش الإسرائيلي وقدرته على التعامل مع التحديات الراهنة والمستقبلية.
اقرأ أيضًا:
- الهلال الأحمر تكشف مصير المسعف المفقود بعد جريمة قتل زملائه في رفح
- وزير الجيش يتحدث عن مرحلة جديدة من العدوان وتغيير خريطة غزة
الانقسامات الداخلية
وبين أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تقف خلف هذا الرفض: أولها، التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي تروج لها حكومة بنيامين نتنياهو، والتي ينظر إليها من قبل قطاعات واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي، بما فيهم جنود وضباط، على أنها تهديد مباشر لما تبقى من ديمقراطية في الدولة.
ثانيًا، الانقسام السياسي الحاد بين اليمين واليسار، والذي ساهم في زعزعة الثقة بالحكومة والمؤسسات الرسمية، وثالثًا، تصاعد أزمة "الأخلاقيات العسكرية"، حيث يعترض العديد من الجنود على تنفيذ عمليات يعتبرونها مناقضة للقيم الإنسانية أو تتنافى مع ضمائرهم.
وأشار مسلماني إلى أن لهذا الرفض آثارًا بالغة على الجيش، لاسيما في وحدات حساسة مثل الاستخبارات وسلاح الجو، ما يؤدي إلى تآكل في الجاهزية العسكرية، وتدهور في المعنويات، إلى جانب تراجع في ثقة الجنود بقيادة الدولة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على مجمل الأمن القومي الإسرائيلي.
حرب أهلية
وفي ما يتعلق بالتداعيات المحتملة، أكد مسلماني أن الأزمة الحالية قد تفتح الباب أمام تصعيد الاحتجاجات الشعبية، خصوصًا إذا استمرت الحكومة في تجاهل المطالب الشعبية، ما من شأنه أن يعمّق الانقسامات المجتمعية ويزيد من الاستقطاب الداخلي، ويضعف صورة إسرائيل دوليًا كدولة تدعي الديمقراطية والاستقرار.
وعند سؤاله عن احتمال تطور هذه الأزمة إلى حرب أهلية، اعتبر مسلماني أن السيناريو الأسوأ قد يتحقق في حال استمرار الانقسام وتصاعد الاحتجاجات إلى مستوى المواجهات المباشرة بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها، مما قد يقود إلى صدامات داخلية عنيفة.
إلا أنه رجح أن السيناريو الأقرب هو دخول إسرائيل في حالة من الاضطرابات الداخلية الطويلة الأمد، تؤثر بعمق على الحياة السياسية والمجتمعية، دون أن تصل إلى حرب أهلية شاملة.
واختتم مسلماني حديثه بالإشارة إلى أن جزءًا من الجيش الإسرائيلي بات يعتقد أن استمرار الحرب على غزة يخدم بالدرجة الأولى الأجندة السياسية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أكثر مما يخدم المصالح الأمنية لدولة الاحتلال، وهو ما يفاقم من حالة التذمر والتشكيك في نوايا الحكومة، ويعمق الأزمة المتفاقمة داخل الكيان.