ناجون من قصف مستشفى المعمداني يصفون لحظات الرعب التي عاشوها بـ "يوم القيامة"

قصف مستشفى المعمداني
قصف مستشفى المعمداني

بعبارة "كأنه يوم القيامة"، عبر ناجون من القصف الإسرائيلي على المستشفى الأهلي العربي "المعمداني" وسط مدينة غزة عن هول ما شهدوه من رعب وفوضى، بعد أن استهدفت الطائرات الإسرائيلية مباني رئيسية داخله، مما أدى إلى تدميره بشكل شبه كامل وخروجه التام عن الخدمة. 

ويعد المستشفى المعمداني آخر منشأة طبية كانت لا تزال تقدم الرعاية الصحية في شمال قطاع غزة منذ أكثر من عام.

وأجبر الهجوم العنيف العشرات من المرضى والمصابين على مغادرة المستشفى تحت القصف، بعضهم هرب على أسرّتهم الطبية إلى الشوارع المحيطة، ما أدى إلى حرمانهم من تلقي العلاج والرعاية، وبينما كانت الفوضى تعم أرجاء المكان، توفي طفل اختناقًا نتيجة نقص الأكسجين أثناء القصف.

شهادات من قلب المأساة

تحدثت وداد الجدي، إحدى السيدات التي كانت متواجدة داخل المستشفى لحظة القصف، عن معاناتها مع طفليها اللذين فقدا أطرافهما في قصف سابق على حي الشجاعية، حيث كانت حينها داخل قسم الجراحة، القريب جدًا من الأقسام التي استهدفت مباشرة، فأُجبرت على الاحتماء أسفل أحد الأسرة مع طفليها. 

اقرأ أيضًا:

وأكدت أن الجميع كان في حالة ذعر شديدة، ولم تتمكن من الهروب بسبب عجزها عن حمل طفليها، مضيفةً أنها شاهدت المرضى يسحبون بأسرتهم إلى خارج المبنى تحت القصف.

وأشارت وداد إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يمنح المتواجدين في المستشفى سوى دقائق محدودة للإخلاء، وهي مدة غير كافية إطلاقًا لنقل المرضى، لا سيما من كانت حالاتهم حرجة ولا يمكن تحريكهم دون مخاطر صحية كبيرة.

فرار وسط النيران

أما خالد البلبيسي، أحد المصابين في المستشفى، فقد وصف كيف اضطر للهروب من داخله بمساعدة شقيقه، حيث نقلاه على سريره وسط حالة من الذعر والارتباك، محاولين النجاة من الصواريخ التي كانت تتساقط. 

وأكد أنه رأى أطفالًا يركضون ويحاولون الاختباء في أي زاوية متاحة داخل المستشفى، في حين احتشدت النساء وكبار السن في غرفة واحدة هربًا من الخطر.

وأضاف البلبيسي، أن عشرات المصابين والمرضى كانوا خارج المستشفى على أسرّتهم في طوابير طويلة، يحاولون النجاة وسط الليل والدمار، واصفًا تلك الساعات بأنها من "أقسى لحظات حياته"، حيث لم يكن يعرف إلى أين يهرب، أو أي مبنى سيكون الهدف التالي، بينما ترك المرضى في العراء تحت رحمة المجهول.

تحذير مفاجئ وقصف مدمر

وفي رواية أخرى، قال رمضان أبو سكران إن المستشفى لم يتلقى إنذارًا مباشرًا من الجيش، بل جاء التحذير من أحد السكان القريبين الذي تلقى مكالمة هاتفية من القوات الإسرائيلية تأمر بإخلاء المستشفى فورًا، وبحسب قوله، فإن الجميع اندفعوا إلى الخارج بسرعة جنونية، في مشهد وصفه بـ"يوم القيامة".

وأوضح أبو سكران أن الجيش الإسرائيلي طلب من المرضى والعاملين الابتعاد قدر الإمكان عن محيط المستشفى، وهو ما كان شبه مستحيل نظرًا لوضع المرضى الذين لا يمكن تحريكهم بسهولة. 

وأضاف أن صاروخين دكّا مباني المستشفى، مما أحدث دمارًا هائلًا وخوفًا عارمًا بين كل من كان في المكان، وأشار إلى أن المرضى نقلوا في الشوارع على أسرة متهالكة وبمساعدة السكان، وسط ظروف مأساوية وصعبة للغاية.

خروج عن الخدمة

وأكد فضل نعيم، مدير المستشفى الأهلي، أن القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير شامل طال أقسام الطوارئ والاستقبال، بالإضافة إلى المختبرات وأجهزة الأشعة، مما تسبب في شلل تام للمستشفى. وأوضح أن إعادة تشغيل المستشفى قد تتطلب عدة أشهر، نظرًا لحجم الدمار الكبير.

ووصف نعيم الاستهداف بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، لأنه حرم سكان غزة وشمالها من آخر ملاذ طبي متبقٍ في المنطقة، وأشار إلى أن قدرة المستشفى على تقديم الخدمات الطبية قد تضررت بشكل كامل، ما يفرض إيقافه عن العمل حتى إشعار آخر.

وفي ختام تصريحه، طالب نعيم المؤسسات الدولية، الحقوقية والصحية، بالتدخل الفوري لإعادة إعمار المستشفى وتوفير الدعم العاجل للقطاع الصحي في غزة، مشددًا على ضرورة حماية المرافق الطبية من الاستهداف، لأنها شريان الحياة للمدنيين، ولا يجب أن تتحول إلى أهداف عسكرية بأي حال.

سكاي نيوز