جدل في إسرائيل بعد تسريب خطة مهاجمة إيران.. وأصابع الاتهام تتجه نحو نتنياهو 

مكتب نتنياهو
مكتب نتنياهو

شهدت الساحة السياسية والأمنية في إسرائيل، اليوم الخميس، حالة من الجدل الواسع بعد قيام صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بنشر تقرير يكشف عن تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنع تنفيذ خطة إسرائيلية كانت تهدف إلى توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال الشهر المقبل.

وأثار هذا التسريب المفاجئ قلقًا بالغًا في الأوساط الإسرائيلية، لا سيما في الأجهزة الأمنية والمؤسسة السياسية، حيث اعتبر أن نشر تفاصيل مثل هذه الخطط قد يعرقل جهود تل أبيب لمواجهة ما تعتبره "التهديد النووي الإيراني"، ويقوض استراتيجيتها السرية في هذا السياق.

اقرأ أيضًا:

مصدر التسريب

وأشارت تقديرات استخباراتية داخل إسرائيل إلى أن مصدر التسريب قد يكون من داخل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه، في محاولة لإظهار أنه كان على وشك اتخاذ قرار مصيري بشن ضربة حاسمة على إيران، لكن تدخلاً خارجياً، تحديداً من الجانب الأميركي، حال دون ذلك. 

ويأتي هذا في ظل الدعم الشعبي الواسع داخل إسرائيل لتبني الخيار العسكري ضد المشروع النووي الإيراني.

وصرح مسؤول أمني رفيع بأن الاستعدادات لشن هجوم كانت معروفة مسبقًا في الأوساط الأمنية، غير أن نشر تفاصيل العملية بهذه الطريقة يُعد سابقة خطيرة، وأضاف: "نحن نستعد لكل الاحتمالات، بغض النظر عن ما يُنشر في وسائل الإعلام".

تفاصيل الخطة الإسرائيلية

وبحسب ما جاء في التقرير الأميركي، فإن الخطة الإسرائيلية كانت تتضمن تنفيذ ضربات جوية مركزة، يعقبها عملية إنزال بري لقوات الكوماندوز، تستهدف منشآت نووية إيرانية محصنة تحت الأرض، في عملية تشبه ما نفذته إسرائيل في سوريا العام الماضي.

وأكدت مصادر إسرائيلية بارزة أن هذه الخطة عرضت على الجانب الأميركي، مع طلب صريح بأن تشارك الطائرات الأميركية في شن هجمات موازية، إضافة إلى توفير غطاء جوي لقوات النخبة التي ستشارك في العملية.

وكشفت مصادر أمنية إسرائيلية، بحسب ما ورد في التقرير، أن التقديرات العسكرية أشارت إلى أن الجاهزية الكاملة للعملية لن تكتمل قبل شهر أكتوبر المقبل، لكن نتنياهو أصر على تنفيذها في مايو، متجاهلًا التحذيرات، إلا أن الرئيس الأميركي ترامب قرر إيقاف الخطة واللجوء إلى المسار التفاوضي مع طهران.

وفي سياق التعليق الداخلي، قال مسؤول أمني إن "الخيار العسكري كان دائمًا مطروحًا لدى القيادة السياسية الإسرائيلية، ولكن التدخل الأميركي الأخير شكّل منعطفًا حادًا"، مشيرًا إلى أن "قدرة إسرائيل على التأثير في قرارات الإدارة الأميركية أصبحت الآن محدودة جدًا".

هجوم لاذع

سياسيًا، شن رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد هجومًا لاذعًا، كاشفًا أنه كان قد اقترح في أكتوبر الماضي توجيه ضربة لمنشآت النفط الإيرانية، معتبرًا أن تدمير البنية التحتية للنفط سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإيراني وسقوط النظام، لكن نتنياهو، حسب قوله، تراجع عن ذلك بسبب الخوف.

كما وجه رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت انتقادات حادة لنتنياهو، متهمًا إياه باتباع "استراتيجية خطابية"، حيث ألمح إلى أن نتنياهو هو من سرب التقرير إلى الصحيفة الأميركية ليبدو وكأنه كان يعتزم تنفيذ هجوم عسكري، لكنه مُنع من ذلك. 

وقال بينيت: "مبدأ بيغن كان يقضي بالهجوم والتدمير، كما حدث في العراق وسوريا، أما مبدأ نتنياهو فهو التهديد فقط، ثم التظاهر بأنه مُنع من التنفيذ. هذا نهج خطير، ولن تتاح لنا فرصة ثانية إذا انفجرت الأمور".

وفي تعليق عبر منصة "إكس"، قال رئيس حزب "المعسكر الوطني" بيني غانتس إن "النظام الإيراني بارع في كسب الوقت"، مضيفًا: "على إسرائيل أن تحافظ على قدرتها على شن هجوم داخل إيران، ويجب أن نعمل على حشد الدعم الأميركي لإعادة تشكيل التوازن في الشرق الأوسط".

عملية عسكرية

بدوره، قال مصدر عسكري إن الجميع كان على علم بأن هناك تحضيرات لعملية عسكرية، لكن "تسريب هذا الحجم من المعلومات يُعد أمرًا استثنائيًا للغاية"، مؤكدًا أن الاستعدادات مستمرة بغض النظر عن هذه التسريبات.

وأعربت مصادر عسكرية إسرائيلية عن استيائها البالغ من توقيت وحجم التسريب، معتبرة أن ذلك "أضرّ بقدرة إسرائيل على المناورة الدبلوماسية والعسكرية أمام الولايات المتحدة"، خاصة وأن التقرير تضمن تفاصيل دقيقة حول نوعية الدعم العسكري الأميركي الذي تم نقله مؤخرًا إلى الشرق الأوسط، والذي قد يكون جزءًا من الخطة الإسرائيلية حال اندلاع مواجهة مباشرة مع إيران.

وأوضحت المصادر نفسها أن حجم النفوذ الإسرائيلي على صانع القرار في واشنطن بات غير واضح، وسط شكوك حول قدرة تل أبيب على إقناع الإدارة الأميركية بدعم أي عملية عسكرية ضد إيران، أو حتى مشاركتها فيها. 

كما لم يتضح بعد ما إذا كانت هناك خطوات عملية يمكن اتخاذها لتجنب التوصل إلى اتفاق أميركي إيراني لا يخدم المصالح الإسرائيلية.

وفي ختام التقرير، ذكرت الصحيفة الأميركية أن ترامب رفض مناقشة الملف الإيراني خلال مكالمة هاتفية أجراها معه نتنياهو في 3 أبريل الجاري، ودعاه إلى زيارة البيت الأبيض. 

وبحسب ما تبين لاحقًا، فإن اللقاء الذي أُعلن رسميًا أنه مخصص لمناقشة الرسوم الجمركية، كان في الواقع لبحث خطة الهجوم على إيران، والتي رفض ترامب دعمها عسكريًا، مفضلًا العودة إلى طاولة التفاوض مع طهران.

واشنطن بوست