في تصريح أثار عاصفة من الغضب داخل الأوساط السياسية والشعبية في إسرائيل، أطلق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم الإثنين، تصريحًا مثيرًا للجدل قال فيه: "يجب قول الحقيقة: إعادة الأسرى من غزة ليست الهدف الأهم".
فجر هذا التصريح الذي وصف من قبل العديدين بأنه صادم ومجرد من الإنسانية، موجة من الانتقادات العنيفة، خاصة من جانب عائلات الجنود والمحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
غضب شديد
وقد عبر مقر عائلات الأسرى عن غضبه الشديد في بيان لاذع، وصف فيه تصريح سموتريتش بأنه "وصمة عار"، مضيفين: "العائلات لا تجد هذا الصباح سوى كلمة واحدة لوصف ما سمعته: عار"، وتابع البيان أن الوزير، ومن خلال كلماته، لم يكشف فقط عن موقف شخصي، بل فضح قراراً حكومياً متعمداً بالتخلي عن الأسرى.
اقرأ أيضًا:
- سموتريتش يوجه بتغيير أسلوب الحرب وفرض الحكم العسكري في غزة
- بيان ناري من "حماس" ردًا على دعوة سموتريتش.. ماذا يحدث في الضفة؟
ووجه البيان رسالة مباشرة إلى سموتريتش جاء فيها: "يا سموتريتش – سيذكرك التاريخ كشخص أغلق قلبه أمام صرخات الأسرى، وفضل أن يتركهم لمصيرهم بدلًا من السعي لإنقاذهم".
انتقادات حادة
والانتقادات لم تتوقف عند حدود العائلات، بل امتدت إلى الساحة السياسية، حيث نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي تصريحات لوزير الثقافة والرياضة قال فيها إن "إعادة المختطفين مهمة ذات أولوية كبرى، لكن مقترح حماس بشأن صفقة تبادل شاملة غير قابل للتطبيق".
أما زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، فقد وجه انتقادات حادة إلى سموتريتش، قائلاً: "هذا الرجل لم يكن يدرك من هي نخبة حماس حتى السابع من أكتوبر، ومن فشل في ذلك اليوم يجب عليه أن يصمت اليوم".
وأضاف ليبرمان أن استعادة الأسرى من قطاع غزة ليست محل نقاش سياسي، بل تمثل واجبًا أخلاقيًا ووطنياً لا يقبل المساومة.
في السياق ذاته، هاجم زعيم حزب "الديمقراطيين" المعارض، يائير غولان، سياسات سموتريتش، قائلاً: "إنه يضحي بالأسرى خدمة لأوهامه حول الضم وتوسيع السيطرة، هذا هو الوجه الحقيقي لحكومة نتنياهو – حكومة حولت الفشل والتخلي إلى سياسة رسمية معتمدة".
ضغوط متزايدة
وتأتي هذه المواقف المتباينة في وقت بالغ الحساسية، حيث تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا متزايدة، داخليًا وخارجيًا، للتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى يعيد الجنود والمحتجزين إلى ذويهم، وسط تصاعد احتجاجات عائلاتهم واتساع الهوة بين الجمهور والحكومة.
من جانبه، عاد سموتريتش وأدلى بتصريحات إضافية أكد فيها أن الأولوية الحقيقية ليست في التفاوض على إطلاق سراح الأسرى، بل في "تدمير حماس بشكل نهائي لمنع تكرار كارثة السابع من أكتوبر".
وقال: "يجب اتخاذ قرار نهائي بإنهاء وجود غزة كما نعرفه، عبر القضاء التام على حماس وإثبات قدرتنا على تحقيق أهداف الحرب"، وأردف: "الخيار البديل عن الاستسلام هو السيطرة الكاملة على قطاع غزة وتحقيق نصر عسكري ساحق".
أما بخصوص الضفة الغربية، فأعلن سموتريتش افتتاح أطول طريق استيطاني فيها، واصفاً ذلك بأنه "حلقة إضافية في مسار تطبيع الاستيطان اليهودي"، مضيفاً أن الحكومة تعمل على تمرير خطط لبناء 3600 وحدة استيطانية جديدة، بالإضافة إلى إقامة خمس مستوطنات في منطقة "غوش عتصيون".
في هذه الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي تصعيد عملياته العسكرية العنيفة على قطاع غزة، من خلال تكثيف استهداف منازل المدنيين ومواقع النزوح، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف السكان، وسط ظروف إنسانية متدهورة للغاية.
هذه الحرب، التي استؤنفت قبل 35 يوماً، وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها "إبادة جماعية"، تنفذ بدعم سياسي وعسكري مباشر من الولايات المتحدة، ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في خيار التصعيد، غير عابئة بالدعوات الدولية لوقف الحرب، في وقت تعيش فيه غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها الحديث، وسط صمت دولي ورفض إسرائيلي لأي تسوية لا تتضمن سحق المقاومة.