في تطور خطير يعكس التصعيد الإسرائيلي المتواصل، نفذت طائرة مسيّرة تابعة للجيش الإسرائيلي هجومًا استهدف سفينة كانت تبحر بالقرب من السواحل المالطية، وذلك بزعم محاولتها كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يتعرض منذ شهور لحرب شعواء يصفها مراقبون بأنها حملة إبادة جماعية ممنهجة.
ووفقًا لما نقلته شبكة "سي إن إن"، فإن السفينة المستهدفة تنتمي إلى تحالف "أسطول الحرية" الذي كان في طريقه إلى قطاع غزة محملاً بالمساعدات، وقد أعلن التحالف أن السفينة بدأت بالفعل في الغرق عقب الهجوم، ما ينذر بكارثة بحرية وإنسانية.
اقرأ أيضًا:
- إسرائيل تغيّر قواعد اللعبة: توزيع مباشر للمساعدات على عائلات غزة.. تفاصيل
- دولة أوروبية تقدم مساعدات بقيمة 7.5 مليون جنيه إسترليني لدعم غزة
غرق السفينة
وأفادت المتحدثة باسم تحالف "أسطول الحرية" أن السفينة أصيبت بثقب كبير نتيجة الهجوم، مما أدى إلى تسرب المياه داخلها، وأوضحت أنهم أطلقوا نداءات استغاثة عاجلة عبر الأجهزة الملاحية، في محاولة للفت انتباه أي سفن أو جهات إنقاذ قريبة.
وبحسب تقارير ميدانية أخرى، فإن الطائرة الإسرائيلية المسيّرة نفذت الهجوم في المياه الدولية بالقرب من مالطا، مما يعد انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي ولقواعد حرية الملاحة البحرية.
وقد أدى القصف إلى اندلاع حريق هائل في السفينة، شوهدت ألسنة لهبه تتصاعد في الأفق، في مشهد أعاد إلى الأذهان هجومًا مشابهًا تعرضت له سفينة "مافي مرمرة" قبل أكثر من عقد.
وأشارت بعض المصادر إلى أن السفينة أرسلت إشارات استغاثة عاجلة فور تعرضها للهجوم، إلا أن الاستجابة الوحيدة جاءت من جنوب قبرص، في ظل تجاهل دولي واسع يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الموقف الدولي من الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
مافي مرمرة
ويذكر أن حادثة "مافي مرمرة" الشهيرة وقعت يوم 31 مايو/ أيار 2010، عندما شنت قوات الكوماندوز البحرية الإسرائيلية هجومًا عنيفًا على السفينة بينما كانت تبحر في المياه الدولية قرب سواحل غزة، ما أسفر عن استشهاد عشرة متضامنين أتراك.
وكانت "مافي مرمرة" ضمن "أسطول الحرية"، المؤلف من ست سفن، اثنتان منها تتبعان لمنظمة الإغاثة الإنسانية التركية "IHH"، وكان الهدف من الرحلة كسر الحصار البحري عن غزة.
وقد حملت تلك السفن ما يزيد على 10 آلاف طن من المواد الإغاثية والاحتياجات الإنسانية العاجلة، إضافة إلى قرابة 750 ناشطًا من مختلف الجنسيات، من بينهم صحفيون وممثلون عن وسائل إعلام دولية، ما زاد من زخم الحملة ولفت الأنظار إلى المعاناة المستمرة في القطاع.
الحرب على غزة
وفي سياق متصل، عادت الحرب على غزة إلى الواجهة مجددًا، بعد انهيار المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى الذي بدأ تطبيقه في 19 يناير 2025.
فقد أنهت الأطراف الجولة الأولى في مطلع مارس، لكن سرعان ما تنصلت إسرائيل من التزاماتها، واستأنفت هجماتها العسكرية في 18 من الشهر ذاته، لتشتعل المعارك مجددًا.
ومنذ الثاني من مارس، شددت إسرائيل حصارها على قطاع غزة بإغلاق المعابر بشكل كامل، مانعة دخول المساعدات الغذائية والطبية والمواد الإغاثية، مما أدى إلى كارثة إنسانية متفاقمة. وأصبح السكان في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية.
ويعيش أكثر من 90% من سكان القطاع حالة نزوح قسري، كثير منهم اضطروا لمغادرة منازلهم أكثر من مرة نتيجة القصف المستمر، حيث لجأوا إلى أماكن إيواء مؤقتة مكتظة أو افترشوا العراء دون مأوى، وهو ما أدى إلى تفشي الأمراض والأوبئة في ظل انهيار تام للمنظومة الصحية.
وبحسب إحصاءات ميدانية، تجاوز عدد الشهداء والجرحى في غزة حاجز الـ170 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين، في ظل دمار شامل طال البنية التحتية والمؤسسات المدنية، ما يجعل من هذه الحرب واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.