في تصعيد لافت للموقف الأوروبي إزاء الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، عبر وزير الدولة الفرنسي المكلف بالشؤون الأوروبية جان نويل-بارو، عن إدانة بلاده الشديدة لما وصفه بالخطة الإسرائيلية الساعية لإعادة احتلال قطاع غزة، والعدوان العسكري المتواصل الذي دخل شهره الثامن، وسط اتهامات متصاعدة بتورط الاحتلال في حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
فرنسا تدين الاحتلال
وخلال مقابلة إذاعية أجراها الثلاثاء مع إذاعة RTL الفرنسية، أكد بارو أن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية أمر غير مقبول إطلاقاً، مشدداً على أن الإجراءات العسكرية التي تتخذها تل أبيب تشكل انتهاكاً واضحاً وصريحاً للقانون الإنساني الدولي، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية فرانس برس.
اقرأ أيضًا:
- "مسك" وردة غزة الصغيرة التي نبتت من تحت الركام (فيديو وصور)
- انقسام داخلي في إسرائيل بشأن توسيع العدوان على غزة: دوافع سياسية أم مبررات أمنية؟
وأوضح الوزير الفرنسي أن الأولوية القصوى حالياً هي وقف إطلاق النار بشكل فوري، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة دون أي عوائق، واعتبر أن استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود هو جريمة لا يمكن تبريرها بأي ذريعة أمنية أو سياسية.
خطة احتلال جديدة
تأتي تصريحات المسؤول الفرنسي في أعقاب تأكيد مصدر إسرائيلي، يوم الإثنين، أن المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) قد أقر ليلاً خطة كاملة لإعادة احتلال قطاع غزة وتوسيع العمليات العسكرية باتجاه عمق المناطق الجنوبية من القطاع، وتشمل الخطة، بحسب المصدر ذاته، السيطرة على الأرض وفرض واقع جديد من خلال تهجير سكان غزة نحو الجنوب.
وأضاف المصدر أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يزال يروّج علناً للخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تتضمن ما يعرف بـ"تبادل الأراضي" أو "الترحيل الطوعي"، في إشارة إلى مشروع تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء أو الأردن ضمن هندسة جديدة للمنطقة، وهو ما يثير موجات رفض عارمة على المستويين الفلسطيني والدولي.
غزة تنزف
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة على وقع حرب إبادة جماعية موثقة بالأرقام والمشاهد والمجازر اليومية، ووفقاً لبيانات فلسطينية رسمية، فقد بلغ عدد الشهداء والمصابين أكثر من 171 ألفاً، بينما لا يزال ما يقارب 10 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو في المناطق التي تعذر الوصول إليها، وترافق ذلك مع دمار شبه كامل للبنية التحتية والمرافق الحيوية في القطاع المحاصر.
ولم تقتصر الجرائم على الجانب العسكري فقط، بل شملت استهدافاً مباشراً للمستشفيات والمدارس والمساجد ومراكز الإيواء، ما أدى إلى انهيار كامل في المنظومة الصحية والإنسانية في غزة، وسط صمت دولي متواطئ، ومواقف خجولة من بعض العواصم الغربية.
من الانسحاب إلى العودة
وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان القرار الإسرائيلي بالانسحاب الأحادي من قطاع غزة في 15 أغسطس 2005، حين قرر رئيس الوزراء آنذاك أريئيل شارون الانسحاب الكامل من غزة، في خطوة وصفت بأنها هزيمة سياسية وعسكرية أمام ضربات المقاومة الفلسطينية المتصاعدة آنذاك.
ورغم انسحاب جيش الاحتلال من داخل القطاع، إلا أنه واصل فرض حصار خانق برا وبحرا وجوا على غزة، ما أدى إلى عزلها عن العالم الخارجي وتحويلها إلى أكبر سجن مفتوح في التاريخ الحديث، ومع بداية العدوان الجديد، عادت إسرائيل لتحكم قبضتها على القطاع وتحيي فكرة الاحتلال من جديد، ولكن هذه المرة تحت غطاء الحرب الشاملة والمبررات الأمنية الكاذبة.