في تطور يعكس تحكماً إسرائيلياً مشدداً في ملف المساعدات الإنسانية بقطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن نية إقامة ثلاث مراكز توزيع للمواد الغذائية فقط، في إطار خطته البرية الواسعة المرتقبة لاجتياح القطاع، على أن تتمركز هذه النقاط الثلاث جميعها في مدينة رفح جنوب القطاع، وفق ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الثلاثاء.
ويبرر الاحتلال هذه الخطة بأنها تهدف إلى منع وصول الإمدادات الغذائية إلى عناصر حركة حماس، حيث ستكون المراكز داخل ما يسمى بـ"المنطقة المطهرة"، وهي المنطقة المحصورة بين محوري موراغ وفيلادلفيا، والتي يعتزم الجيش السيطرة عليها بالكامل وتفتيش كل فلسطيني يدخلها.
اقرأ أيضًا:
- باستخدام تقنية غير مسبوقة.. خطة إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة عبر شركات أمريكية
- ابتزاز سياسي.. كيف علقت حماس على خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات في غزة؟
تفاصيل "الآلية المشروطة"
بحسب الخطة الإسرائيلية، فإن الفلسطينيين الراغبين في الحصول على الغذاء، سيخضعون للتفتيش الصارم قبل السماح لهم بالوصول إلى المراكز، تحت ذريعة منع تسلل مقاومين.
ولن يسمح إلا لمندوب واحد عن كل عائلة بالحضور واستلام الكمية الغذائية الخاصة بأسرته، وذلك وفق تقديرات أمنية إسرائيلية حددت حاجة العائلة المتوسطة في غزة بـ70 كيلوغراماً من المواد الغذائية أسبوعياً.
وأكدت الإذاعة أن توزيع المساعدات سيكون خاضعاً لسجلات تديرها شركات وجمعيات أميركية خاصة، في محاولة لإظهار شفافية وهمية، بينما تتحكم إسرائيل عملياً في كامل العملية، مدعية أن هذه الطريقة "الأمثل لضمان عدم وصول الغذاء إلى حماس"، على حد وصف مصادرها الأمنية.
الخطير في الخطة المعلنة أنها تمنع تماماً توزيع أي مساعدات إنسانية في سائر أنحاء القطاع، ما يعني عملياً تجويع مئات الآلاف من المدنيين في شمال ووسط غزة، ودفعهم قسراً للنزوح نحو رفح حيث توجد مراكز الإغاثة.
وقد أشارت الإذاعة إلى أن إسرائيل تدرس إقامة مركز مؤقت واحد فقط في شمال القطاع، على أن يتم إغلاقه لاحقاً بعد اكتمال نزوح السكان مما يفضح نية واضحة لتسريع التهجير الجماعي.
تجويع ممنهج
ومنذ 2 مارس، تمنع إسرائيل بشكل كامل دخول المساعدات الغذائية والدوائية والوقود إلى قطاع غزة، رغم الانهيار التام في البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتحذيرات دولية متكررة من خطر المجاعة الشاملة.
وقد أعلنت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة في وقت سابق أنها تحض إسرائيل على رفع الحظر فوراً لإنقاذ أرواح المدنيين، لا سيما وأن معظم سكان غزة اليوم يشربون مياه غير صالحة للاستهلاك البشري.
وفي سياق يؤكد النية المبيتة لحرمان الغزيين من الغذاء، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر سياسي في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن قرارات "الكابينيت" السياسي – الأمني، التي اتخذت مؤخراً، تضمنت إمكانية توزيع مساعدات إنسانية "فقط إذا كانت هناك حاجة لها"، في إشارة إلى نفي وجود أزمة غذاء في غزة.
لكن هذا الادعاء يتعارض بشكل صارخ مع تقارير جميع منظمات الإغاثة الدولية التي تؤكد أن القطاع يمر بأسوأ كارثة إنسانية منذ عقود، ما يعزز الاتهامات بأن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع كسلاح عسكري ضد السكان.