كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن ملامح جديدة في التوجهات الاستراتيجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن هذه التوجهات بدأت تتضح تدريجيًا بعد مرور ستة أشهر على فوزه في الانتخابات، وخصوصًا في ما يتعلق بتعامله مع الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.
تحول جوهري
ووفقًا للصحيفة، فإن ترامب يظهر ميلًا واضحًا نحو عقد الصفقات والتسويات السياسية والدبلوماسية بدلاً من الانخراط في حروب جديدة، وهو ما يشكل تحولًا جوهريًا في أولويات السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.
اقرأ أيضًا:
- ترامب: زيارتي إلى الخليج "تاريخية".. 10 ملفات ساخنة على طاولة التفاوض
- إسرائيل تتوعد بالاجتياح البري بعد زيارة ترامب.. في هذه الحالة (تفاصيل)
ورأت الصحيفة أن هذا التوجه الأميركي يضعف الرهانات التي تبناها أنصار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذين افترضوا أن إدارة ترامب سوف تمنح إسرائيل غطاءً سياسيًا كاملاً لشن عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة.
لكن، ووفقًا لـ"هآرتس"، فإن تلك الفرضيات بدأت تنهار بشكل تدريجي في ظل مؤشرات متزايدة على رغبة واشنطن في احتواء التصعيد العسكري والعمل على التهدئة، بدلاً من تأجيجه.
تقييم استراتيجية نتنياهو
وأوضحت الصحيفة أن هذا التحول في الموقف الأميركي قد يدفع نتنياهو إلى إعادة تقييم استراتيجيته السياسية والعسكرية، خصوصًا بعد أن بدأ هامش المناورة أمامه يضيق داخليًا وخارجيًا، رغم استمراره في إطلاق الخطابات التحريضية التي يخاطب بها قاعدته اليمينية المتشددة، ويحاول من خلالها إظهار موقف متصلب تجاه غزة.
وأشارت "هآرتس" إلى أن استراتيجية ترامب، رغم ما تحمله من مجازفات سياسية، إلا أنها تعد، بحسب وصفها، أقل ضررًا من الحرب الدائمة والمفتوحة التي يسعى نتنياهو إلى فرضها كأمر واقع.
ولفتت الصحيفة إلى أن واشنطن بدأت تتصرف بشكل مستقل فيما يتعلق بالملفات الحساسة، ومنها ملف الرهائن، حيث تم إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر عقب مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وحركة حماس، من دون إشراك إسرائيل في تفاصيل العملية، الأمر الذي وصفته الصحيفة بأنه سابقة خطيرة، ويحمل رسالة صادمة لعائلات بقية المختطفين الإسرائيليين في غزة.
تقليص الدور الإسرائيلي
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" أن إدارة ترامب تتجه بشكل متصاعد إلى تقليص الدور الإسرائيلي في عدد من الملفات الإقليمية، بدءًا من المفاوضات النووية مع إيران، مرورًا بالحوارات غير المباشرة مع حركة حماس، والتي تمت بعيدًا عن التنسيق التقليدي مع تل أبيب، وهو ما أثار قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، التي اعتادت لعقود أن تكون جزءًا أساسيًا في كل قرار أميركي يتعلق بالشرق الأوسط.
ومما زاد من حدة التوتر، وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، إعلان ترامب مؤخرًا عن توصله إلى اتفاق تهدئة مع جماعة الحوثيين في اليمن، أسهم في خفض وتيرة الهجمات على السفن الأميركية في البحر الأحمر، لكنه لم يشمل إسرائيل، ما فير في الأوساط الإسرائيلية على أنه تجاهل مباشر لحلف "الشراكة الأمنية التقليدية" بين تل أبيب وواشنطن.
ويأتي هذا التحول الكبير في أعقاب صفقة إطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي أفرجت عنه حركة حماس بعد محادثات مباشرة مع مسؤولين أميركيين، في خطوة أكدت على أن واشنطن باتت تفضل التواصل المباشر مع الفاعلين الإقليميين لتأمين مصالحها، حتى وإن كان ذلك خارج إطار التنسيق مع إسرائيل.