في ظل تصاعد التطورات السياسية والعسكرية المرتبطة بالحرب على غزة، ظهر تصدع جديد في الموقف الإسرائيلي الداخلي تجاه الدور الأميركي المتنامي، وخاصة في أعقاب الإفراج عن الجندي الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر، وزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة.
واكتفى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتصريح مقتضب حول الحدث، معتبرًا أن الإفراج عن الجندي هو ثمرة الضغط العسكري الإسرائيلي بالتوازي مع الجهود الدبلوماسية الأميركية، دون التطرق إلى تفاصيل الدور الأميركي أو المسار التفاوضي الذي تم بمعزل عن الحكومة الإسرائيلية.
اقرأ أيضًا:
- حقيقة "الخلافات" بين ترامب ونتنياهو
- ترامب: زيارتي إلى الخليج "تاريخية".. 10 ملفات ساخنة على طاولة التفاوض
وأثار هذا التعليق سخرية وانتقادات داخلية، إذ اعتبره مراقبون تقليلاً متعمّدًا من أهمية التحرك الأميركي الذي جرى دون تنسيق مسبق مع تل أبيب.
هجوم رسمي
وفي أول خروج رسمي عن الصمت الإسرائيلي حيال زيارة ترامب، وجه وزير التعاون الإقليمي دافيد إمسالم انتقادات حادة للرئيس الأميركي، واصفًا خطواته بـ"غير المنسقة" و"غير القابلة للتوقع"، مؤكدًا أن "ترامب ليس القائد الوحيد في المنطقة"، وأن إسرائيل لا يمكنها القبول باتفاق يفرضه مع حركة حماس.، وأضاف: "نحن نبارك التقدم، لكن الأسلوب الذي يتّبعه ترامب يعكس شخصيته المتقلبة".
وذهب إمسالم أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن ترامب يتصرف كل يوم بشكل مختلف، ما يخلق ارتباكًا عالميًا، خاصة في القضايا الحساسة.
واستشهد بموقفه من الحوثيين قائلًا: "في البداية تحدث عن توسلات لوقف النار، ثم اتضح أن سلطنة عمان هي من قادت الوساطة"، مبدياً اعتراضه الواضح على أي مشروع نووي سعودي قد يحظى بموافقة أميركية، لما قد يفتح الباب أمام سباق تسلح في المنطقة.
انتقاد لحكومة نتنياهو
وفي السياق ذاته، وجه رئيس المعارضة يائير لبيد انتقادًا مباشرًا لحكومة نتنياهو، معتبرًا أن المفاوضات الأميركية مع حماس تكشف فشلًا سياسيًا مدوّيًا، مضيفًا أن تحرير عيدان ألكسندر يجب أن يكون نقطة الانطلاق نحو صفقة شاملة تعيد جميع الأسرى الإسرائيليين.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن عائلات الأسرى حالة من الغضب والاستياء، إذ صرح بعضها بأن الحرب لن تعيد أبناءنا، والحكومة الإسرائيلية لم يكن لها أي دور فعلي في تحريرهم، كما دعت هذه العائلات صراحة إلى إنهاء الحرب والانخراط الجدي في مفاوضات لإعادة الجميع.
أما زعيم حزب ميرتس، يائير غولان، فاتهم نتنياهو "بالتخلي الفعلي عن مواطنيه"، مؤكدًا أن الاعتماد على قوى أجنبية لإعادة الأسرى يفضح هشاشة موقف الحكومة الإسرائيلية، كما انضم رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس إلى قائمة المنتقدين، داعيًا نتنياهو إلى تحمّل المسؤولية الكاملة والبدء الفوري بتنفيذ خطة لإعادة كل المحتجزين.
فرصة استراتيجية
وفي ظل هذه الانتقادات الواسعة، اعتبر عدد من المراقبين الإسرائيليين أن تل أبيب "أضاعت فرصة استراتيجية" بعدم التفاعل مع المبادرة الأميركية، واستمرارها في رهانات عسكرية فاشلة، ورفضها الانخراط في مبادرات السلام الإقليمية والدولية.
ورأى هؤلاء أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة للعناد السياسي والتردد في مواجهة المستجدات، الأمر الذي قد يفاقم عزل إسرائيل دبلوماسيًا ويزيد من حدة الانتقادات الداخلية والخارجية لحكومتها.