استمرار الإبادة.. نتنياهو يعترف بارتكاب جرائم حرب تجاه المدنيين في غزة

نتنياهو
نتنياهو

في خطاب أثار جدلاً واسعاً، أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الثلاثاء باعتقال آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة وتصويرهم وهم عراة، مدعياً أنهم لا يظهر عليهم أثر سياسة التجويع الممنهج، والتي تتهم إسرائيل بانتهاجها في القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن 600 يوم.

وجاء تصريح نتنياهو خلال مشاركته في "المؤتمر الدولي لمكافحة معاداة السامية"، الذي نظمته وزارة الخارجية الإسرائيلية في القدس الغربية، بحسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

تجويع منظم تحت غطاء أمني

في محاولة لتبرير الإجراءات الإسرائيلية بحق المدنيين، قال نتنياهو: "نعتقل الآلاف ونطلب منهم خلع قمصانهم للتأكد من أنهم لا يحملون أحزمة ناسفة"، مضيفاً: "ترى آلاف الأسرى يخلعون قمصانهم، ولم نرى أيا منهم هزيلاً منذ بدء الحرب، بل العكس تماماً".

اقرأ أيضًا:

إلا أن تصريحات نتنياهو تتناقض تماماً مع تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، التي تؤكد أن إسرائيل تمارس سياسة تجويع متعمدة تمهد لتهجير قسري، بعد أن أغلقت المعابر بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية، وخاصة الغذاء لمدة 90 يوماً، وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن هذا الحصار دفع 2.4 مليون فلسطيني إلى حافة المجاعة.

مؤسسة غزة الإغاثية

بعيداً عن المؤسسات الأممية، بدأت إسرائيل الثلاثاء توزيع مساعدات محدودة عبر كيان جديد يحمل اسم "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي مؤسسة مدعومة أميركياً وإسرائيلياً لكنها مرفوضة من الأمم المتحدة، وبدأت نشاطها في ما تسميه تل أبيب "المناطق العازلة" جنوبي القطاع.

غير أن هذا المخطط فشل بسرعة، إذ اقتحم آلاف الفلسطينيين الجياع مراكز توزيع المساعدات تحت وطأة المجاعة، ففتح جيش الاحتلال نيرانه عليهم، مما أدى إلى إصابة عدد منهم، بحسب بيان رسمي صادر عن المكتب الإعلامي في غزة.

ورغم الصور والمقاطع المصورة والتقارير الموثقة التي تظهر معاناة المدنيين، أصر نتنياهو على إنكار سياسة التجويع قائلاً: "هذه كذبة، نحن لا نتبع سياسة تجويع في غزة".

وفي تعليقه على الفوضى التي رافقت توزيع المساعدات، قال: "وقعت عدة حوادث وفقدنا السيطرة مؤقتاً، لكننا استعدنا زمام الأمور، وحماس تحاول سرقة الطرود ونحن نقوم بالتأمين".

المعارضة الإسرائيلية تنتقد الفوضى

في المقابل، لم تمر هذه التصريحات دون انتقادات من الداخل الإسرائيلي، فقد صرح أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض عبر منصة "إكس"، بأن ما جرى في مراكز توزيع المساعدات هو نتيجة مباشرة لـ"حكومة فاشلة".

من جهتها، زعمت مؤسسة "غزة للإغاثة الإنسانية" أن تأخيرات طويلة في الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات كانت بسبب "حواجز أقامتها حماس"، وادعت أن انسحاب طاقمها كان منظماً ومخططاً له وسمح فقط "لمجموعة صغيرة" باستلام المساعدات.

غزة ترد

لكن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة رد بقوة، معرباً عن "استغرابه الشديد" من ادعاءات المؤسسة، واصفاً إياها بـ"الزائفة والمخالفة للواقع"، وأكد أن المقاومة الفلسطينية لم تعرقل وصول الناس إلى المساعدات، وأن الفوضى المأساوية في التوزيع تعود إلى سوء إدارة المؤسسة التي تخضع عملياً لإدارة الاحتلال، مشدداً على أن المؤسسة والحكومة الإسرائيلية تتحملان المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن التغطية على جريمة الإبادة الجارية.

ممناورة إسرائيلية جديدة

وفي سياق آخر، تطرق نتنياهو إلى ملف الأسرى قائلاً: "حررنا حتى الآن 197 رهينة، من بينهم 147 على قيد الحياة من أصل 255، ولا يزال هناك 20 رهينة نعلم أنهم على قيد الحياة".

ورغم تأكيد تل أبيب أن هناك 58 أسيراً لدى حماس، منهم 20 أحياء، فإن إسرائيل تحتجز في سجونها أكثر من 10,100 فلسطيني، يعانون من الإهمال الطبي والتعذيب وسوء التغذية، ما أودى بحياة العشرات منهم، وفق تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.

وفيما تعلن حركة حماس مراراً استعدادها لإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل إنهاء الحرب وانسحاب الاحتلال والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، يتمسك نتنياهو بشروط تعد "تعجيزية"، مثل نزع سلاح المقاومة، ويمضي في التصعيد عبر التهديد بإعادة احتلال القطاع.

استمرار الإبادة

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة ضد سكان غزة، تشمل القتل الجماعي، التجويع، التدمير الممنهج، والتهجير القسري، غير مكترثة بنداءات الأمم المتحدة ولا حتى بالأوامر القضائية الصادرة عن محكمة العدل الدولية.

ووفق إحصاءات فلسطينية، فإن هذه الحرب الدامية خلفت ما لا يقل عن 177 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، وأكثر من 11 ألف مفقود، بالإضافة إلى مئات الآلاف من النازحين ومجاعة أدت إلى وفاة العديد من الأطفال.

وبات حوالي 1.5 مليون فلسطيني بلا مأوى بعد أن دمرت إسرائيل منازلهم بالكامل، بينما تستمر في حصار القطاع منذ 18 عاماً، وسط دعم أميركي سياسي وعسكري غير محدود.

العربي الجديد