أوهام إسرائيلية محفوفة بالمخاطر.. هآرتس تكشف عن السيناريو الأخطر لمستقبل غزة بعد الحرب 

مستقبل غزة بعد الحرب
مستقبل غزة بعد الحرب

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير تحليلي موسع، أن السيناريو الأكثر ترجيحاً وخطورة لما سيؤول إليه قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، هو اندلاع فوضى عارمة وظهور ميليشيات مسلحة أكثر تطرفاً وخطورة من حركة حماس، بحسب تعبيرها، وسط غياب أي رؤية سياسية إسرائيلية واضحة لمستقبل القطاع.

وقالت الصحيفة إن غزة، التي يقطنها نحو مليوني فلسطيني، لا يمكن أن تبقى في فراغ حكم لفترة طويلة، خصوصاً في ظل المؤشرات المتزايدة على تفكك سيطرة حماس، وانهيار الهياكل المدنية التي كانت تشكل عصب الإدارة داخل القطاع.

انهيار شامل 

ووصفت الوضع بأنه يتجه نحو انهيار شامل للنظام المدني والأمني، ما يفتح الباب أمام حرب سيطرة على الأرض بين قوى متعددة ومتناحرة.

اقرأ أيضًا:

وأشارت "هآرتس" إلى أن ما يلوح في الأفق هو صراع عنيف بين عصابات مسلحة، ولصوص، وفصائل متطرفة، وانتهازيين، بالإضافة إلى بقايا عناصر من حركة فتح والسلطة الفلسطينية، يتسابقون جميعاً على السيطرة على الأحياء، والمعابر، والمواقع الاستراتيجية التي خلفها انسحاب حماس، واعتبرت أن غياب سلطة مركزية سيجعل من كل زاوية في غزة محل نزاع.

وبصورة أكثر تشاؤماً، رصدت الصحيفة سيناريو "التحول إلى نموذج مقديشو"، عاصمة الصومال، واصفة القطاع بأنه قد يصبح قريباً "مقديشو الشرق الأوسط": أرض غارقة في السلاح، تعج بالأيديولوجيات المتطرفة، توزع فيها المساعدات من قبل مرتزقة، بينما يجني المتنفذون من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أرباحاً على حساب المدنيين العالقين وسط الدمار.

أوهام إسرائيلية 

وحذرت الصحيفة من أن أوهام بقاء الفوضى محصورة داخل حدود غزة هي مجرد خرافة، معتبرة أن التداعيات الأمنية ستطال داخل إسرائيل نفسها، بما في ذلك تل أبيب، عبر انتشار الجريمة المنظمة وعمليات التهريب العابرة للحدود، وتصاعد عداء الفلسطينيين وتآكل المعابر الحدودية.

أما بخصوص الحلول السياسية، فقد استبعدت "هآرتس" بشكل قاطع خيار عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع كحل ناجع، إلا إذا كان ذلك جزءاً من مبادرة سياسية شاملة تشمل مصالحة داخلية فلسطينية، وانتخابات ديمقراطية، والتزاماً بحل سياسي مع إسرائيل، وهو ما قالت إنه أمر غير واقعي في الظروف الراهنة.

وأضافت أن أي عودة محتملة للسلطة ستكون في أفضل الأحوال بمثابة "إدارة وسيطة معزولة عن الشارع الفلسطيني"، أو أشبه بمقاول فرعي يعمل لصالح إسرائيل، في ظل غياب أي أفق سياسي حقيقي للفلسطينيين يفضي إلى إنهاء الاحتلال أو تحقيق السيادة.

وفي سياق آخر، رفضت الصحيفة تماماً خيار إعادة السيطرة العسكرية الإسرائيلية المباشرة على غزة، واعتبرته سيناريو خيالي محفوف بالمخاطر، يفتقد إلى الواقعية.

وأوضحت أن تطبيق مثل هذا الخيار سيتطلب من إسرائيل استنزافاً مالياً ضخماً بمليارات الدولارات، ونشر عشرات الآلاف من الجنود، وتحمل عبء إدارة السكان والخدمات والبنية التحتية، وسط بيئة عدائية تضم مليوني فلسطيني ناقمين على الاحتلال.

عزلة سياسية

كما حذرت من أن أي خطوة نحو حكم عسكري مباشر ستؤدي إلى تصعيد العداء ضد إسرائيل إقليمياً ودولياً، وستقود إلى عزلة سياسية وتفجر أزمات متلاحقة داخل إسرائيل نفسها، على المستوى الأمني والاقتصادي والدبلوماسي.

وفي خلاصة تقييمها، رسمت "هآرتس" صورة سوداوية لمستقبل غزة في ظل غياب قرارات استراتيجية واضحة، معتبرة أن التردد الإسرائيلي بشأن ما بعد الحرب يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة من الواقع الحالي، أبرزها الفوضى المطلقة والانفلات الأمني والتدهور الإقليمي.

 

هآرتس