تحت ستار الحرب.. صحيفة عبرية تكشف بدء تنفيذ خطة نتنياهو في الضفة وتحذر من صدام دولي

نتنياهو
نتنياهو

في تقرير يكشف عن ملامح استراتيجية إسرائيلية متسارعة وخطيرة، أكدت صحيفة هآرتس العبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينفذ خطوات مدروسة لتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية وضمها فعليًا، مستغلًا الانشغال العالمي بالحرب الدامية التي يشنها على قطاع غزة، ومراهنًا على ضعف الانتباه الدولي وغياب الضغط الدبلوماسي الفاعل.

ووفقًا لما ورد في التقرير، فإن حكومة نتنياهو بدأت العمل على هذا المسار حتى قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، إلا أن وتيرة التحركات تسارعت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، تحت "ستار الحرب"، على حد وصف الصحيفة.

اقرأ أيضًا:

وقد ازدادت هذه المساعي وضوحًا وجرأة في الآونة الأخيرة، بالتوازي مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، وهو ما يمنح نتنياهو غطاءً سياسيًا أميركي مشابه لذلك الذي حصل عليه خلال فترة ترامب الأولى.

ضم بحكم الأمر الواقع

وتوضح هآرتس أن حكومة نتنياهو لا تصدر إعلانًا رسميًا بالضم، لكنها تعمل بشكل متواصل وفعال لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، التي يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطيني. 

وقد لجأت الحكومة إلى خطوات عملية تؤكد هذا التوجه، منها الإعلان عن بناء 22 مستوطنة جديدة، والعمل على تقنين البؤر الاستيطانية العشوائية التي تعد غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي، فضلًا عن توسيع البنية التحتية من شبكات طرق تخترق الضفة وتعزز النفوذ الإسرائيلي فيها.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه الخطوات لا تأتي بشكل عشوائي أو منفصل، بل هي جزء من استراتيجية متكاملة وممنهجة، تسعى في جوهرها إلى فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على أراضي الضفة دون تقديم أي حقوق سياسية أو مدنية للفلسطينيين المقيمين فيها.

طابع أحادي

من أبرز ما يميز هذا المسار الإسرائيلي، بحسب هآرتس، هو الطابع الأحادي والاستبعادي له؛ إذ لا ترافقه أي نية لمنح الفلسطينيين في المناطق التي يجري ضمها تدريجيًا الجنسية الإسرائيلية أو أي حقوق قانونية متساوية، بما في ذلك الحق في التصويت أو المشاركة السياسية. 

وبهذا، فإن مشروع الضم لا يندرج ضمن نموذج "الدولة الواحدة"، بل يعزز نظام السيطرة والتمييز الذي يراه كثير من المحللين امتدادًا لممارسات الأبرتهايد.

رسائل رمزية

وفي إشارة رمزية تعكس مضي حكومة نتنياهو في تطبيق مشروع الضم دون مواربة، ذكرت الصحيفة أن الحكومة الإسرائيلية منعت مؤخرًا وفدًا من وزراء خارجية دول عربية من زيارة مدينة رام الله، وذلك في الوقت الذي كانت فيه هذه الزيارة تمثل جهدًا إقليميًا جديدًا لإحياء مسار "حل الدولتين". 

واعتبرت الصحيفة أن هذا المنع ليس فقط رفضًا دبلوماسيًا، بل تعبيرًا عن رفض تل أبيب لأي مظهر من مظاهر التسوية السياسية، بل حتى الاكتراث بالمظاهر الشكلية التي كانت تُستخدم سابقًا لإخفاء نوايا الضم.

وتحذر هآرتس في خاتمة تقريرها من أن هذه السياسة الإسرائيلية الجديدة – التي تجمع بين التصعيد العسكري في غزة والتوسع الاستيطاني في الضفة – من شأنها أن تؤدي إلى صدام مع عدد من الحكومات الأوروبية والعربية، خاصة تلك التي دعمت تطبيع العلاقات مع إسرائيل استنادًا إلى افتراض بقاء إمكانية حل الدولتين قائمًا.

وترى الصحيفة أن التسارع في خطوات الضم قد يقوض كثيرًا من المكاسب التي تحققت لإسرائيل في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بما فيها "اتفاقيات أبراهام"، معتبرة أن النهج الحالي لنتنياهو ينسف أسس تلك الاتفاقات، ويعيد إنتاج الصراع الإقليمي بأبعاد أكثر تعقيدًا.

هآرتس