أزمة حكم وارتباك استراتيجي.. كيف فضحت حرب غزة عجز حكومة نتنياهو داخليًا وخارجيًا؟

نتنياهو
نتنياهو

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في تقرير صادم، عن حجم العجز السياسي والاستراتيجي العميق الذي تعاني منه حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، مؤكدة أن الحرب المتواصلة في غزة لم تفضح فقط إخفاقات عسكرية، بل عرت بالكامل هشاشة القيادة الإسرائيلية وضعف قدرتها على رسم أي ملامح لمستقبل سياسي أو أمني.

وبحسب الصحيفة، فإن مرور أكثر من عامين ونصف على تولي حكومة نتنياهو السادسة مقاليد الحكم، أظهر بوضوح أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من القدرة على خوض أي حوار استراتيجي معمق سواء داخليًا أو خارجيًا، وكانت غزة المثال الأوضح على هذا العجز المتراكم.

انهيار العلاقة مع المؤسسات الأمنية

ولم تكتفي الصحيفة برصد الإخفاقات السياسية فقط، بل تحدثت عن امتداد هذا العجز إلى العلاقة المتوترة بين الحكومة والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية وجيش الاحتلال، حيث أكدت أن التعاون شبه مفقود، وأن هناك انهيارًا في الانسجام بين القيادة السياسية والعسكرية في ظل قرارات عشوائية وأولويات مشوشة. 

اقرأ أيضًا:

أما على الساحة الدولية، فقد تآكلت صورة إسرائيل بشكل غير مسبوق، وباتت في عزلة استراتيجية، حتى من حلفائها التقليديين.

انعدام الرؤية للمرحلة المقبلة

وتحت عنوان “غزة تقترب من الانفجار داخل إسرائيل”، حذرت الصحيفة من أن غياب أي تصور استراتيجي واضح بشأن المرحلة القادمة سواء في التعامل مع القطاع أو مع الأزمات الداخلية، يضع إسرائيل في قلب المجهول، إذ لا توجد خطة فعلية لما بعد الحرب، ولا تصور حقيقي لشكل الحوكمة في غزة، في ظل الرفض المستمر لوجود حكومة فلسطينية بديلة لحركة حماس.

وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو يرفض أي سيناريو بديل تطرحه المنظمات الدولية أو المجتمع المدني الفلسطيني، ويتمسك بخيار وحيد يتمثل في فرض الحكم العسكري المباشر على غزة، وهو ما وصفته الصحيفة بـ"الخيار الكارثي" الذي قد يدخل القطاع في فوضى شاملة مشابهة لما حدث في الصومال، حيث تنتشر الجماعات المسلحة والعنف العشوائي في غياب أي سلطة مركزية.

العزلة الدولية تزداد

وفي تقييم خطير لأداء نتنياهو على الصعيد الدولي، أكدت الصحيفة أن رئيس الحكومة فشل في الحفاظ على علاقات فعالة مع الحلفاء الاستراتيجيين، ما أدى إلى تزايد العزلة الدولية لإسرائيل. 

فأميركا، على سبيل المثال، نجحت في التواصل دبلوماسيًا مع أطراف أزمات في إيران واليمن دون إشراك إسرائيل، في حين عبرت دول أوروبية عن غضب واضح من ممارسات الاحتلال في غزة، وبدأت توجه انتقادات علنية لسياساته، وهو ما يعكس تراجع مكانة إسرائيل على الصعيد الدولي.

خطر الانفجار السكاني في غزة

وحذرت يديعوت أحرونوت من أن قطاع غزة بات على شفير الانفجار الشامل، فمع معاناة أكثر من مليوني فلسطيني من عقود القهر والعنف، وتصاعد الكراهية نتيجة حرب مستمرة منذ عام ونصف، فإن رد الفعل الشعبي الغاضب بات مسألة وقت فقط، وفق تعبير الصحيفة.

وذهبت الصحيفة أبعد من ذلك، حين قالت إن مثل هذا الانفجار السكاني الغاضب سيحول الأمن الإسرائيلي إلى هدف بعيد المنال، بل ويهدد وجود الدولة نفسها في محيط غزة، حيث تصبح الحياة في مستوطنات الغلاف شبه مستحيلة في ظل تصاعد العنف والانهيار الأمني.

وفي خلاصة تقييمها، أكدت الصحيفة أن إنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة لتحرير المحتجزين باتت ضرورة استراتيجية حيوية، ليس فقط لإنقاذ ما تبقى من مظاهر الحياة في غزة، بل لحماية ما تبقى من استقرار داخل إسرائيل نفسها، ومنع انزلاق الأوضاع إلى حالة فوضى عارمة يصعب احتواؤها.

وخلص التقرير إلى أن استمرار نتنياهو في تجاهل الحقائق على الأرض، والإصرار على سيناريو الحكم العسكري، لن يؤدي سوى إلى تعميق الكارثة الإنسانية في غزة وتكريس التهديدات الوجودية لإسرائيل، التي أصبحت تعيش حالة من الشلل الاستراتيجي لم يسبق لها مثيل.

يديعوت أحرونوت