في تطور صادم يحمل دلالات خطيرة على صعيدي الأمن والسياسة داخل إسرائيل، كشف أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، عن قيام الحكومة الإسرائيلية، وبأوامر مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتسليح عصابات إجرامية داخل قطاع غزة، في خطوة اعتبرها مراقبون "غير مسبوقة" وتنذر بعواقب أمنية وخيمة.
تسليح خارج نطاق القانون الحكومي
ونقلت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية صباح اليوم الخميس، عن ليبرمان قوله إن عملية التسليح لم تمر عبر القنوات القانونية أو المؤسسية، حيث لم تعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، الذي يعد الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالأمن القومي الإسرائيلي.
وأكد ليبرمان أن هذا القرار تم تنفيذه بشكل فردي من قبل نتنياهو دون إشراك القيادة السياسية أو الأمنية العليا في الدولة، مما يثير تساؤلات جدية حول مدى الشرعية والرقابة المؤسسية على قرارات الحرب والسلم في إسرائيل.
الشاباك كان على علم
وزاد من حدة الاتهامات التي أطلقها ليبرمان تأكيده أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) كان على علم بهذه الخطوة، ما يعني أن العملية تمت بعلم أجهزة الأمن، ولكن من دون إطار مؤسساتي رسمي يضبطها أو يقيّم تبعاتها، ويفتح هذا التصريح الباب أمام جدل داخلي واسع بشأن دور الشاباك ومسؤوليته في تمرير مثل هذه السياسات، أو على الأقل عدم الاعتراض عليها رغم خطورتها.
خطر ارتداد السلاح على إسرائيل
في تحذير واضح من التداعيات الأمنية لهذه الخطوة، قال ليبرمان: "لا أحد يستطيع أن يضمن أن هذه الأسلحة التي تم تسليمها للعصابات في غزة لن توجه لاحقًا ضد إسرائيل نفسها."
هذا التصريح يبرز مدى التهور السياسي والأمني الذي رافق عملية التسليح، خاصةً وأن قطاع غزة يشهد منذ أشهر حربًا ضارية بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وتعيش فيه الفصائل والحركات المسلحة حالة تأهب دائم.
ويؤكد محللون عسكريون أن تسليح عناصر غير نظامية أو عصابات في بيئة نزاع مثل غزة يعد مخاطرة أمنية جسيمة، حيث يمكن لتلك الأسلحة أن تتسرب إلى جهات معادية أو تستخدم لاحقًا ضد الجيش الإسرائيلي أو المستوطنات القريبة.
أزمة ثقة داخلية
تصريحات ليبرمان من شأنها تأجيج الخلافات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل وفتح جبهة سياسية جديدة ضد نتنياهو، الذي يواجه انتقادات متزايدة منذ بدء الحرب على غزة، سواء بسبب إدارتها الميدانية أو تداعياتها السياسية والدبلوماسية.
ويقول مراقبون إن هذه الفضيحة قد تكون بمثابة "القشة التي تقصم ظهر نتنياهو سياسيًا"، خصوصًا إذا ما ثبت أن هناك توجيهات مكتوبة أو أوامر رسمية خرجت من مكتبه دون المرور عبر المؤسسات المعنية.
كما يتوقع أن تدعو المعارضة الإسرائيلية إلى فتح تحقيق رسمي في هذه القضية، وسط مخاوف من أن تكون هذه الممارسات قد تكررت في ملفات أخرى لا تزال طي الكتمان.