في خطوة تعكس تعقيد المشهد الإقليمي وتداخل الملفات الساخنة، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اجتماعًا مطولًا في منتجع "كامب ديفيد" ضم فريقه الكامل المعني بالسياسة الخارجية، وذلك يوم الأحد، بهدف مناقشة الاستراتيجية الأميركية إزاء ملفين شديدي الحساسية: البرنامج النووي الإيراني، والحرب الدائرة في قطاع غزة.
وبحسب ما كشفه موقع "أكسيوس"، فقد أكد مسؤولان أميركيان ومصدر ثالث مطلع أن الاجتماع لم يكن بروتوكوليًا، بل تخلله عدة جلسات تحليلية تناولت الموقف الأميركي من الأزمتين المتداخلتين، والسبل الممكنة للتأثير على مساراتهما في آن واحد.
تقدم ملموس
وفي تصريح خاص للموقع ذاته، أفاد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن الرئيس ترامب ينظر إلى الأزمة النووية الإيرانية والحرب في غزة على أنهما وجهان لأزمة إقليمية واحدة متشابكة، وأن إدارته تسعى إلى بلورة استراتيجية موحدة تتعامل مع هذا الواقع المتداخل بهدف صياغة توازن جديد في المنطقة يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية.
اقرأ أيضًا:
- مقترح ويتكوف الجديد بضمانات ترامب.. هل ترى هدنة غزة النور بعد تدخل بحبح؟
- من لاجئ إلى وسيط سري.. أسرار لا تعرفها عن بشارة بحبح ودور أرملة الرئيس عرفات في المفاوضات
وأوضحت المصادر الأميركية أن النقاش في كامب ديفيد لم يقتصر على تحليل الوضع، بل شمل مراجعة لمسار المفاوضات الجارية بشأن غزة، خاصة تلك المتعلقة بالجهود الأميركية لفرض صيغة اتفاق تهدف إلى وقف إطلاق النار، مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس".
وبحسب مسؤولين أميركي وإسرائيلي تحدثا لـ"أكسيوس"، فإن الاتصالات الأخيرة أسفرت عن تقدم ملموس – وإن كان بطيئًا – في موقف حركة حماس من المبادرة الأميركية، ويعود الفضل في ذلك جزئيًا إلى الضغوط المتزايدة التي يمارسها الوسطاء القطريون على الحركة لدفعها نحو المرونة في التفاوض.
وفي تعليقه على المفاوضات، قال أحد المسؤولين الأميركيين للموقع: "لا نتوقع حدوث اختراق خلال هذا الأسبوع، لكن يمكن القول إننا أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق، وهناك شعور حقيقي بأن الأمور تتحرك".
إيران تدخل على خط المفاوضات
وفي السياق ذاته، كشفت وكالة "رويترز" أن ترامب صرح أمام صحفيين في البيت الأبيض، يوم الإثنين، أن إيران باتت جزءًا من المحادثات غير المباشرة الجارية بين الولايات المتحدة، وحركة حماس، وإسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق يتضمن وقفًا لإطلاق النار في غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى الحركة.
وأضاف ترامب قائلًا: "غزة الآن تشهد مفاوضات معقدة بمشاركتنا ومشاركة إسرائيل وحماس، وإيران باتت جزءًا من هذه المعادلة، ونهدف بالأساس إلى استعادة الرهائن".
وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرًا يوم الإثنين، أكدت فيه أن الرد الرسمي من حماس على المقترح الأميركي الذي قدمه المبعوث الخاص ستيف ويتكوف متوقع خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن جميع قنوات الاتصال بين الجانب الأميركي والحركة تتم عبر وسطاء، وبصورة لا تمر عبر الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يعكس نهجًا دبلوماسيًا خاصًا تتبعه واشنطن بعيدًا عن تدخل تل أبيب المباشر.
مبادرة ويتكوف
كما أوردت الصحيفة أن المسؤولين في قطر، الذين يضطلعون بدور محوري في الوساطة، أعربوا عن تفاؤلهم بإمكانية تحقيق اختراق في المفاوضات، خاصة في ظل التزامهم بممارسة ضغوط مكثفة على قيادة حماس من أجل دفعها نحو القبول بالمبادرة.
وتتضمن مبادرة ويتكوف، التي أصبحت محور التحركات الدبلوماسية الأميركية، اتفاقًا يشمل هدنة لمدة 60 يومًا، يتم خلالها إطلاق سراح 28 من أصل 56 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن أكثر من 1200 أسير ومعتقل فلسطيني، إلى جانب السماح بدخول مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع.
لكن، وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال هناك عقبات كبيرة تحول دون تحقيق اختراق فعلي؛ إذ تصر حركة حماس على أن الإفراج عن باقي الرهائن مرهون بقبول إسرائيل إنهاء الحرب بالكامل، وهو مطلب ترفضه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تؤكد أن وقف الحرب لن يتم إلا بعد "نزع سلاح حماس والقضاء التام على بنيتها العسكرية في غزة"، على حد وصفه.