في تطور لافت يعيد ملف التهدئة في غزة إلى طاولة النقاش الدولي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، عن تقدم ملحوظ تحقق في المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وجاء هذا التصريح في وقت تتكثف فيه التحركات الإقليمية والدولية، لإحياء المقترح الأمريكي الذي ظل معلقاً لشهور وسط حالة من الجمود السياسي والميداني.
اقرأ أيضًا:
- ويتكوف يلمح.. هل بدأ العد التنازلي لوقف الحرب؟
- نتنياهو يكشف عن تطورات غير متوقعة في مفاوضات صفقة التبادل.. والكابينيت أمام قرار مصيري
وأعادت هذه التصريحات تسليط الضوء على مبادرة تقودها الولايات المتحدة، بوساطة نشطة من قطر ومصر، تهدف للوصول إلى اتفاق مرحلي متعدد المراحل، يضمن وقفا تدريجيا للعمليات العسكرية مقابل إطلاق سراح رهائن إسرائيليين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة.
ملامح الاتفاق
وبحسب ما أوردته القناة 13 الإسرائيلية، فإن الاتفاق الجاري التفاوض عليه يتضمن وقفاً تدريجياً لإطلاق النار على مدار 60 يوماً، مقابل تنفيذ صفقة تبادل أسرى تتوزع على ثلاث مراحل، وتنص المرحلة الأولى على إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق، بينما يتم الإفراج عن رهينتين إضافيتين في اليوم الستين، وهو اليوم المحدد لانتهاء هذه المرحلة.
أما المرحلتان الثانية والثالثة، فتشملان إجراءات متقدمة تتعلق بتسليم جثامين رهائن يعتقد أنهم قتلوا أثناء احتجازهم في غزة، ما يجعل الاتفاق شاملاً ليس فقط للأحياء، بل أيضاً لمن قضوا خلال الحرب.
واللافت في تفاصيل هذه الصفقة أنها تترافق مع وقف شامل لإطلاق النار طوال فترة تنفيذ الاتفاق، إلى جانب فتح مسار تفاوضي سياسي متزامن، بهدف الوصول إلى تسوية نهائية تنهي الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2024.
مقترح أمريكي بين يدي حماس
وبحسب تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست، بدأت حركة حماس بالفعل بإعداد رد رسمي محدث على مقترح المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، والذي تقدم بمبادرة تنص على وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، مقابل إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين، وتأتي هذه التحركات وسط ضغط إقليمي متزايد، وإشارات على رغبة دولية في كسر حالة الجمود التي طالت أمدها.
ولم تصدر حركة حماس حتى الآن أي تعليق رسمي على تصريحات نتنياهو أو على تسريبات القناة 13 بشأن تفاصيل الصفقة، إلا أن مصادر مطلعة أبلغت وسائل إعلام إسرائيلية أن رد الحركة المرتقب قد يشكل نقطة تحول حقيقية في مسار المفاوضات.
اتصالات مكثفة
تزامناً مع هذا الحراك، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى مساء الثلاثاء، خصص لمناقشة تطورات المفاوضات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى، ووفق مصادر مطلعة، فإن هذا الاجتماع عكس جدية متزايدة من جانب الحكومة الإسرائيلية تجاه التوصل لاتفاق شامل.
وفي هذا السياق، صرح غال هيرش، منسق شؤون الأسرى والمفقودين في الحكومة الإسرائيلية، خلال لقائه مع عائلات الرهائن نهاية الأسبوع الماضي، أن الجهود الأمنية والعسكرية مستمرة في غزة، بالتوازي مع تحركات سياسية ودبلوماسية حثيثة، مع التزام تام بالحفاظ على سرية المعلومات وأمن القنوات التفاوضية.
ضمانات أمريكية غير مسبوقة
ما يميز هذه الجولة من المفاوضات عن سابقاتها، وفقاً للقناة 13، هو دخول الإدارة الأمريكية بثقل أكبر، من خلال تقديم ضمانات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، وتعد هذه الخطوة – بحسب مصادر دبلوماسية – تطوراً غير مسبوق من جانب واشنطن، في إشارة إلى جدية غير معهودة في التعامل مع هذا الملف المعقد.
وتأمل الإدارة الأمريكية أن تسهم هذه الضمانات في طمأنة جميع الأطراف، بما يفتح الباب أمام استقرار الهدنة واستئناف مسار سياسي يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء شامل للحرب.
توقعات حذرة
في ظل هذه المعطيات، يرى مراقبون أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق اختراق دبلوماسي في ملف غزة، خاصة مع الضغط الدولي المتنامي، وتصاعد الكلفة السياسية والإنسانية لاستمرار القتال، إلا أن الإنجاز لا يزال رهناً بمدى تجاوب حركة حماس مع المقترح الأمريكي، وقدرتها على التفاوض في ظل الحصار العسكري والميداني الخانق على قطاع غزة.
ومع ترقب رد حماس في الأيام القليلة المقبلة، تبقى الأنظار شاخصة نحو ما إذا كانت هذه التحركات ستترجم إلى انفراجة حقيقية، أم أنها ستنضم إلى سلسلة المبادرات الفاشلة التي سبقتها منذ بدء الحرب.