تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن تل أبيب بدأت تبث رسائل عن تقدم ملموس في مسار المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس، وسط تراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن مواصلة احتلال "محور موراغ" جنوبي قطاع غزة.
وبينما تتحدث الجهات الرسمية الإسرائيلية عن "مرونة متزايدة"، تبقى القضايا المركزية – مثل خرائط انسحاب الجيش ونسب تبادل الأسرى – عالقة، وتعرقل الوصول إلى اتفاق نهائي.
تصريحات ترامب
في موازاة ذلك، صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأربعاء بأنه لديه أخبار جيدة بشأن غزة، ملوحًا بإمكانية تحقيق تقدم ملموس، وأشار إلى دور مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، الذي يشرف على جهود الوساطة الأميركية في الحرب الدائرة، ويقود النقاشات مع مختلف الأطراف.
ويتوقع أن يعقد ترامب اجتماعًا في واشنطن مع رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبحث تطورات المفاوضات، وهو لقاء تراهن عليه إسرائيل لدفع المفاوضات نحو اختراق فعلي، خاصة في ظل الدور القطري الحيوي في الوساطة.
فجوات جوهرية رغم التقدم
بحسب هيئة البث العام الإسرائيلية "كان 11"، فإن مصادر مطلعة على سير المفاوضات تؤكد وجود تقدم، لكنها تشدد في الوقت نفسه على استمرار وجود فجوات كبيرة بين الجانبين.
وتتضمن الملفات العالقة خريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، والاتفاق حول هوية ونوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في إطار الصفقة، وهي قضايا لم تُحسم بعد ولم تخضع لنقاش معمق.
الصيغة القطرية
تشير تسريبات القناة 12 الإسرائيلية إلى أن إسرائيل بدأت تتبنى "الصيغة القطرية" للمفاوضات، وأبدت استعدادها للعودة إلى خطوط وقف إطلاق النار السابقة مع تعديلات طفيفة، وهو ما عكسته خرائط الانسحاب الجديدة التي تم إرسالها إلى الوسطاء في الدوحة.
وأفادت القناة أن تل أبيب أبلغت الوسطاء بأنها على استعداد للتنازل عن وجودها في محور "موراغ"، وأبدت مرونة إضافية في ما يتعلق بتواجدها العسكري في محيط القطاع، بما يشمل المناطق الحدودية التي كانت ترفض الانسحاب منها سابقًا.
معضلة التبادل
رغم هذه التنازلات، يبقى ملف "مفاتيح الإفراج" – أي نسبة التبادل بين الأسرى الفلسطينيين والجندي الإسرائيلي الواحد – نقطة خلاف شديدة الحساسية.
وبحسب القناة 12، فإن نتنياهو أصبح مستعدًا لتقديم تنازلات إضافية في ما يخص انتشار القوات الإسرائيلية داخل غزة، في سبيل إنجاز الصفقة، ما دفع كبار المسؤولين في المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) إلى التعبير عن تفاؤلهم بقرب التوصل إلى اتفاق.
تفاهمات جزئية
في هذا السياق، نقلت وسائل الإعلام العبرية عن مسؤولين في الكابينيت أن إسرائيل بدأت المفاوضات من موقع متشدد لكنها الآن تتبنى نهجًا أكثر مرونة، معتبرين أن قرار نتنياهو التراجع عن موقفه بخصوص خرائط الانسحاب قرّب إسرائيل وحماس من اتفاق مبدئي.
ومع ذلك، ما زالت التفاصيل الدقيقة المتعلقة بنسبة التبادل بين الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، إضافة إلى بند إنهاء الحرب، محل خلاف جذري.
وتفيد القناة بأن أي اتفاق يتم التوصل إليه في المدى القريب سيكون على الأرجح "جزئيًا"، لا يشمل إنهاء الحرب بالكامل، وهو ما تصر عليه حماس.
وساطة قطرية
في سياق متصل، كشف التلفزيون "العربي" عن جولة محادثات جديدة تعقد الليلة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تستعد إسرائيل لعرض خرائط انسحاب محدثة أمام الوسطاء.
وبحسب صحيفة "واينت" التابعة لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن نتنياهو منح الفريق التفاوضي الإسرائيلي في الدوحة صلاحيات أوسع، وهو ما وصفه التقرير بأنه "إرخاء للحبل"، في مقابل عرض عدة خرائط انسحاب على حماس، التي لا تزال تطالب بانسحاب كامل إلى خطوط ما قبل 2 مارس.
شروط حماس والعقد المتبقية
على الرغم من التقدم النسبي، تصر حماس على موقفها بضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ورفض أي بقاء عسكري إسرائيلي في المناطق الحدودية، وهو ما تعتبره شرطًا أساسيًا لأي اتفاق.
كما تطالب الحركة بالإفراج عن أسرى فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية، وترفض المساومة في هذا البند، بالإضافة إلى تمسكها بإبعاد "مؤسسة غزة الأميركية" (GHF) عن القطاع، ما يمثل ملفًا إنسانيًا مثيرًا للجدل في أوساط المفاوضات.
تقديرات إسرائيلية
ورغم كل المعوقات، فإن مصادر إسرائيلية مطلعة تؤكد أن "التقدم صعب، لكنه ممكن"، وأن احتمالية التوصل إلى اتفاق تبدو أعلى من احتمالات فشله، خاصة في ظل ما وصفه المسؤولون بـ"مرونة كبيرة" أظهرها نتنياهو في الأيام الأخيرة.
وتعكس هذه التصريحات تقديرات إسرائيلية بأن الصفقة قد تخرج إلى النور قريبًا، لكنها ستتطلب المزيد من الجهود لتجاوز العقبات الفنية والسياسية، خاصة تلك المتعلقة بالهوية الدقيقة للأسرى، وشكل التهدئة، ومستقبل الوجود الإسرائيلي في غزة.