وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة عن تفاصيل جديدة تتعلق بالمقترح الأمريكي المعدل الذي قدمه المبعوث الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في محاولة لتحريك المياه الراكدة في مسار التهدئة، رغم افتقاره لأي ضمانات حقيقية تلزم إسرائيل بوقف الحرب، ولو مؤقتاً.
ووفق ما نقلته صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن تلك المصادر، فإن المقترح الجديد الذي تدعمه واشنطن جاء محملاً بتعديلات طفيفة على بعض مطالب حركة حماس، لكنه من وجهة النظر المصرية لا يحمل الجدية اللازمة لعقد اتفاق طويل الأمد، بل وصف بأنه أقرب إلى مناورة سياسية أمريكية، لا أكثر.
اقرأ أيضًا:
- مقترح جديد يصل حماس.. بوادر انفراجة في مسار التهدئة ونتنياهو يعلق
- ويتكوف يلمح.. هل بدأ العد التنازلي لوقف الحرب؟
تفاصيل المقترح المعدل
ووفقاً لما نشرته القناة 13 العبرية، فإن المقترح يتضمن إطلاق سراح 8 أسرى إسرائيليين أحياء في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق، على أن يفرج عن رهينتين إضافيتين في اليوم الأخير من المرحلة الأولى، كما يتضمن أيضًا تسليم جثث رهائن قتلى على ثلاث دفعات متفرقة، مع تنفيذ وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يوماً.
وخلال هذه الفترة، من المفترض أن تجرى مفاوضات سياسية حول إنهاء الحرب بشكل نهائي، بمشاركة ورعاية دولية، وسط ما وصفته القناة بضمانات شخصية مقدمة من المبعوث الأمريكي ويتكوف والرئيس دونالد ترامب، لضمان التزام الطرفين – وخاصة إسرائيل – بوقف إطلاق النار.
رؤية مصرية واقعية
ورغم أن القاهرة ترى في هذا المقترح غيابًا واضحًا للضمانات الجادة، فإن المصادر المصرية أكدت أن أي تحرك في اتجاه التهدئة – حتى وإن بدا شكلياً أو محدوداً – يجب أن يستثمر.
وأشارت إلى أن "هدنة مؤقتة، ولو لساعات أو أيام، يمكن أن تمهد الطريق لانطلاق مسار تفاوضي أعمق وأكثر استقرارًا على المدى المتوسط".
وبحسب الصحيفة، تعتبر الدبلوماسية المصرية أن الفرص باتت نادرة وثمينة في ظل الجمود الدولي والانسداد السياسي، ما يفرض التعامل مع أي عرض بحذر، لكن دون رفضه من حيث المبدأ.
تراجع في سقف المطالب
وعلى الرغم من هشاشة الطرح الأمريكي، إلا أن "الأخبار" اللبنانية أكدت وجود تراجع عام في سقف الطموحات لدى جميع الأطراف، بما في ذلك حركة حماس والوسطاء الإقليميين مثل مصر وقطر.
ويعزى هذا التراجع إلى الجمود الإسرائيلي المستمر ورفض تل أبيب تقديم أي تنازلات سياسية أو ميدانية، بالتوازي مع استمرار الولايات المتحدة في استخدام حق النقض "الفيتو" داخل مجلس الأمن لإجهاض أي مبادرة دولية تطالب بوقف الحرب أو تقديم حماية دولية للفلسطينيين.
دعم مشروط من القاهرة والدوحة
وتنقل الصحيفة أن المقترح الأمريكي الحالي – رغم هشاشته وضعف ضماناته – يلقى دعماً مبدئياً من القاهرة والدوحة، اللتين تريان أن استثمار أي فرصة لوقف النار – ولو جزئياً – قد يكون نقطة بداية نحو مسار تفاوضي أوسع، خاصة مع تزايد الضغوط الإنسانية في القطاع المحاصر والانقسام الداخلي في إسرائيل بشأن استمرار الحرب.
ويفهم من هذه المواقف أن العواصم الإقليمية المعنية بالملف باتت تتبنى نهجًا يقوم على محاولة تحقيق أقصى ما يمكن في ظل الحد الأدنى من الممكن السياسي، في وقت تبدو فيه إسرائيل مصممة على الاستمرار في الحرب دون أفق سياسي واضح.