في ظل الحراك المتزايد خلال الأيام الأخيرة لإعادة تفعيل مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تستعد إسرائيل لتقديم موقفها الرسمي من التطورات، وذلك عقب اجتماع أمني رفيع المستوى ترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وشارك فيه كبار القادة الأمنيين والسياسيين، من بينهم وزير الجيش يوآف غالانت والوزير المقرب رون ديرمر، بحسب ما أفادت به القناة 12 العبرية.
وبحسب ما تم تسريبه من تفاصيل، فإن الموقف الإسرائيلي المرتقب يتضمن مزيجًا من المرونة الانتقائية والتشدد الحازم، خاصة في القضايا التي تمس جوهر النزاع مع حركة حماس، مثل مراحل تحرير الرهائن، ومستقبل العمليات العسكرية، وهيكلية توزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع.
اقرأ أيضًا:
- ترامب يفاجئ نتنياهو بمطلب غير مسبوق بشأن الحرب في غزة
- دولة وسيطة تنتقد مقترح ويتكوف الأخير لوقف إطلاق النار في غزة.. والسبب؟
إطلاق الرهائن
تشير مصادر القناة إلى أن إسرائيل تبدي استعدادًا لمناقشة علنية لشروط إطلاق سراح عشرة رهائن، مع تقديم تعهد واضح بعدم خرق وقف إطلاق النار طوال فترة الاتفاق، بل وفتح الباب أمام إمكانية تمديده لأكثر من 60 يومًا، بما يتماشى مع أحد أبرز مطالب حركة حماس.
ومع ذلك، تظل قضية "إنهاء الحرب" خطًا أحمر بالنسبة لتل أبيب، إذ تؤكد الحكومة الإسرائيلية رفضها تقديم أي التزام شفهي أو مكتوب بوقف الحرب بشكل نهائي قبل التوصل إلى اتفاق شامل يتضمن آلية واضحة لكيفية إنهاء الصراع وضمان عدم عودة حماس إلى قوتها العسكرية أو سيطرتها المدنية على القطاع.
ضغوط أمريكية
ورغم تصاعد الضغط من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن هذه الضغوط لا تهدف إلى فرض إنهاء فوري للحرب، بل تسعى واشنطن إلى دفع الطرفين نحو حل وسط يحفظ ماء وجه الجميع.
ويبدو أن واشنطن تمارس ضغوطًا ناعمة على نتنياهو لتقديم مرونة أكبر في بعض النقاط، لكن دون أن تطال جوهر الموقف الإسرائيلي المتشدد تجاه مستقبل حماس في غزة، ويفهم من الموقف الأمريكي أن المطلوب هو تحقيق هدنة طويلة الأمد تمهد لحل سياسي لاحق دون فرض تسوية سريعة أو سطحية.
معركة المساعدات
واحدة من أبرز النقاط الخلافية تدور حول آلية إدارة وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، وتبدي إسرائيل اعتراضًا قاطعًا على أي دور لحماس في إدارة المساعدات، معتبرة أن ذلك يعيد الاعتراف بالحركة كلاعب مدني وشرعي داخل القطاع، وهو أمر تسعى تل أبيب لنسفه كليًّا من معادلة ما بعد الحرب.
وترغب إسرائيل في نقل مسؤولية إدارة المساعدات إلى جهات بديلة – سواء دولية أو محلية تحت إشراف عربي أو أممي – لضمان عدم استفادة حماس من هذه المساعدات في ترسيخ نفوذها بين السكان أو استخدام الموارد لأغراض عسكرية.
تل أبيب بانتظار رد حماس
حتى اللحظة، لا يزال الرد الرسمي من حماس غير معلن، وتترقب إسرائيل بدقة طبيعة الموقف الذي ستتخذه الحركة، وفي حال كان الرد إيجابيًا من وجهة نظر تل أبيب، فإن ذلك سيمهظ الطريق أمام إيفاد وفود إسرائيلية إلى العاصمة القطرية الدوحة لاستئناف المفاوضات التفصيلية بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية.
وتعكس هذه التطورات أن المشهد التفاوضي لا يزال معقدًا، لكن هناك إشارات على نضج بعض عناصر الاتفاق، مع استمرار الخلافات الجوهرية التي قد تفجر المسار مجددًا في حال تمسك أي من الطرفين بمواقفه القصوى.