في تطور ميداني لافت أعقب الضربة الأميركية لمنشآت نووية داخل إيران، كشفت مصادر إعلامية عبرية، اليوم الأحد، عن سقوط صاروخ إيراني على منطقة نيس تزيونا الواقعة قرب مدينة تل أبيب والتي تضم منشأة نووية حساسة تعرف رسميًا بأنها "معهد للدراسات البيولوجية"، فيما تشير تقارير إلى أن النشاط الحقيقي داخلها يتجاوز الأبحاث المدنية إلى إنتاج أسلحة بيولوجية وكيميائية.
وبحسب المعلومات المتداولة، فإن الهجوم الإيراني جاء كرد مباشر على الغارات الأميركية الأخيرة التي استهدفت مفاعل "فوردو" وغيره من المنشآت الإيرانية، وقد أصاب هذا الصاروخ أحد أكثر المواقع الإسرائيلية حساسية وسرية.
منشأة نيس تزيونا
يعرف مفاعل نيس تزيونا، الذي أُنشئ عام 1952، بأنه وحدة دعم تابعة للجيش الإسرائيلي تجري أبحاثًا تطبيقية في مجالات دقيقة تشمل علم الأحياء الدقيقة، والكيمياء الطبية، والتكنولوجيا الحيوية، والأمراض المعدية، والوراثة الجزيئية، والعلوم البيئية، وتقول تقارير إسرائيلية إن المعهد يشرف على تطوير لقاحات وتجارب تتعلق بالأسلحة البيولوجية بالتعاون مع الهيئة الطبية في الجيش الإسرائيلي.
ومن بين ما أعلن عنه، عمل المعهد على تطوير لقاح لمرض الجمرة الخبيثة، حيث جرى إجراء تجارب على جنود إسرائيليين، في تجاوز صريح لبنود اتفاقية هلسنكي التي تحكم التجارب الطبية على البشر.
وتشير الوثائق إلى أن هذا المعهد لا يخضع بالكامل للرقابة الدولية، وإن كانت وكالة الطاقة الذرية تزوره بين الحين والآخر، مما يزيد من الغموض حول طبيعة نشاطه ومدى ارتباطه بالترسانة النووية والعسكرية الإسرائيلية.
نشاط سري وتواطؤ دولي
وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن وثيقة أميركية مسربة تعود لعام 1982 تؤكد أن الاستخبارات الأميركية كانت تسعى منذ عقود لكشف حقيقة ما يدور داخل نيس تزيونا، وقد توصلت حينها إلى أن المعهد متورط في إنتاج وتخزين أسلحة بيولوجية وكيميائية ضمن ما وصفته بـ"الوسائل التكميلية" للترسانة النووية الإسرائيلية، ورغم هذا الاكتشاف، اختارت الإدارة الأميركية التزام الصمت.
وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن خطر هذه المنشأة ظهر بوضوح خلال التحقيق في تسريبات أسلحة الدمار الشامل داخل الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن منشأة نيس تزيونا كانت دائمًا محل رصد ضمن خريطة سرية للمواقع المحتملة لتخزين أو تصنيع أسلحة غير تقليدية في المنطقة.
وفي الوقت الذي شنت فيه حروب وعقوبات على دول مثل سوريا بسبب ملفات مشابهة تتعلق ببرامج كيميائية، فإن واشنطن تجاهلت عمدًا ما تملكه من معلومات دقيقة حول منشأة نيس تزيونا الإسرائيلية.
الترسانة النووية والبيولوجية الإسرائيلية
تقدر الوثائق الاستخباراتية الأميركية أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية ضخمة تشمل "بضع مئات" من الرؤوس النووية، إلى جانب قنابل هيدروجينية تراكمت عبر عقود من التصنيع السري والدعم الغربي غير المعلن.
كما تشير التقييمات الأميركية إلى أن إسرائيل قد تكون أنتجت أيضًا أسلحة كيميائية وبيولوجية كوسائل ردع إضافية، وإن ظلت هذه الادعاءات حتى فترة قريبة غير مدعومة بأدلة قاطعة.
غير أن تقرير "فورين بوليسي" الأخير يعيد تسليط الضوء على تلك المزاعم، مستندًا إلى وثائق سرية تعود لعام 1983، تعد من أقوى المؤشرات على امتلاك إسرائيل لهذه القدرات.
ويؤكد التقرير أن أول كشف أميركي لأنشطة كيميائية إسرائيلية جاء من خلال قمر صناعي تجسسي اكتشف منشأة مشبوهة قرب ديمونا يرجح أنها مخصصة لإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية ضمن شبكة أوسع من البنية التحتية الدفاعية التي لا تخضع لأي رقابة دولية حقيقية.