في تطور لافت يعكس تبدلاً في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، اليوم الأحد، عن تقديرات جديدة للجيش الإسرائيلي تشير إلى أن "التهديد المركزي" الذي تواجهه إسرائيل في السنوات المقبلة لن يكون من الجبهتين الشمالية (لبنان وسوريا) أو الجنوبية (قطاع غزة)، بل سيتحول إلى الحدود الشرقية مع الأردن.
وتعكس هذه التقديرات تحوّلاً محوريًا في أولويات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي بدأت فعليًا باتخاذ خطوات عملية لمواجهة ما تعتبره مخاطر استراتيجية ناشئة على امتداد حدودها مع المملكة الأردنية الهاشمية.
الحدود الأردنية
بحسب مصادر عسكرية تحدثت للصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي بات يرى أن إيران، بعد فشلها في ترسيخ نفوذها في الجبهات الأخرى، تسعى الآن إلى إنشاء موطئ قدم داخل الأراضي الأردنية، عبر تسليح وتمويل مجموعات مسلحة موالية لها في محاولة لتهديد الأمن الإسرائيلي من خاصرته الشرقية.
وأضافت المصادر، أن طهران تعمل بشكل حثيث على تقويض استقرار الأردن، وتحويل مناطقه الشرقية إلى بنية تحتية جديدة لوكلائها، وهو ما يمثل تهديدًا مزدوجًا على أمن إسرائيل، وعلى بقاء النظام الأردني المستقر.
وأشارت "يسرائيل هيوم" إلى أن الحدود مع الأردن كانت تعتبر حتى وقت قريب "هادئة نسبيًا" وكان التهديد الأساسي يتمثل في نشاطات التهريب، ولكن في الآونة الأخيرة، جرى الكشف عن بنية تحتية واسعة مرتبطة بمحاولات لزعزعة استقرار المملكة الأردنية.
ورغم العلاقات الوثيقة والتنسيق الأمني الكبير بين إسرائيل وعمان، إلا أن مصادر الجيش الإسرائيلي شددت على أن الاعتماد على هذا التعاون وحده لم يعد كافيًا، وهو ما دفع تل أبيب لإعادة النظر في ترتيباتها الأمنية على الحدود الشرقية.
تشغيل عاجل لفرقة غلعاد
وفي ضوء هذه المستجدات، أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي عن تشغيل مبكر ومعجل لفرقة "غلعاد – الفرقة 96" بقيادة أورن سيمحا، والتي كان من المقرر أن تبدأ نشاطها في وقت لاحق من هذا العام، لكن تم تقديم موعدها على خلفية الحرب مع إيران وتصاعد ما وصف بـ"التهديد الشرقي".
وستشرف الفرقة الجديدة على منطقة شاسعة من الحدود الشرقية تمتد لمئات الكيلومترات، وتضم وحدات قائمة مثل "لواء الأغوار 417" إلى جانب لواء مشاة احتياطي، كما سيضاف إليها تشكيلات ميدانية جديدة أُطلق عليها اسم "ألوية داوود"، ستتولى مسؤولية تأمين مناطق داخل إسرائيل لم تكن تحظى بالحماية الكافية في السابق.
وأعلنت الصحيفة أن أولى هذه الألوية ستبدأ انتشارها في الضفة الغربية اعتبارًا من أغسطس المقبل، بهدف اكتساب خبرة ميدانية على الأرض، وتخفيف العبء عن وحدات الاحتياط التي تشارك منذ 7 أكتوبر 2023 في عمليات مستمرة دون توقف.
ومن المتوقع أن تصبح جميع الألوية الجديدة – بما فيها كتيبتان من جنود سابقين في سلاح البحرية تم تحويلهم إلى الخدمة البرية – عملياتية بشكل كامل بحلول فبراير 2026.
إعادة تأهيل البنية التحتية
وتماشياً مع هذه الاستراتيجية الجديدة، كشفت الصحيفة أن إسرائيل تستثمر ملايين الشواقل في تأهيل قواعد ومواقع عسكرية مهجورة على الحدود مع الأردن، لإعادة تفعيلها ضمن مهام فرقة "غلعاد".
ولم تقتصر الخطط على الجانب العسكري فقط، بل تشمل أيضاً مشاريع استيطانية واسعة، تتضمن: إنشاء مدينة جديدة في المنطقة الحدودية، تأسيس نوى استيطانية جديدة، والاعتراف بمستوطنات قائمة وتعزيز الدعم لها.
كما تعمل الجهات المختصة على إقامة سياج حدودي ضخم كجزء من المنظومة الدفاعية الجديدة التي تهدف لإغلاق الثغرات الأمنية في الجبهة الشرقية بشكل محكم.