شهدت الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية تطورات لافتة في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، حيث صادق المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) على خطة جديدة تقضي بإنشاء مناطق مخصصة لتقديم المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى "فصل السكان المدنيين عن عناصر حركة حماس"، وفقاً للرؤية الإسرائيلية.
أجواء مشحونة
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن جلسة "الكابينيت" التي انطلقت عند منتصف الليل تقريبًا واستمرت لأكثر من خمس ساعات ونصف، جرت في أجواء مشحونة للغاية، وشهدت نقاشات عاصفة وصلت إلى حد الصراخ بين بعض الوزراء وكبار المسؤولين العسكريين، في ظل الخلافات الحادة حول آلية تنفيذ الخطة وتوقيتها.
وعلى الرغم من حدة النقاشات والانقسامات الداخلية، خرج المجلس في ختام الجلسة بقرار الموافقة على المضي قدمًا في تنفيذ خطة المناطق الإنسانية داخل القطاع، مع استمرار الجدل حول تفاصيلها التنفيذية وتوقيت تفعيلها على الأرض.
وفي واحدة من أكثر لحظات الاجتماع توتراً، اندلعت مشادة كلامية شديدة بين وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، حيث اتهم الأول الجيش بـ"الفشل في تطبيق تعليمات القيادة السياسية بشأن خطة الفصل الإنساني"، متهماً المؤسسة العسكرية بالمماطلة وتعطيل ما وصفه بـ"القرار السيادي".
الأمر الذي استدعى تدخلاً حادًا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي ضرب على الطاولة مطالبًا بوقف التلاسن الشخصي وتحويل النقاش إلى مسار مهني بعيدًا عن المناكفات.
التصويت النهائي
كما شهدت الجلسة توترًا إضافيًا بين نتنياهو ورئيس الأركان نفسه، إذ أبدى الجيش تحفظًا واضحًا على الجدول الزمني الذي طرحته الحكومة لتنفيذ الخطة، محذرًا من صعوبات لوجستية كبيرة وتحديات تتعلق بالموارد والتمويل والبنية التحتية، غير أن عدداً من الوزراء رفضوا هذا الطرح، مؤكدين أن التمويل متوفر وأن الجيش يفتعل الأعذار لتأخير التنفيذ.
وفي التصويت النهائي، صوتت غالبية الوزراء لصالح الشروع في إنشاء مناطق مخصصة لتوزيع المساعدات الإنسانية، لكن الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عبّرا عن اعتراضهما الصريح، ورفضا إدخال أي مساعدات إنسانية إلى شمال قطاع غزة في المرحلة الراهنة، معتبرين أن تلك المساعدات تقع في يد حماس ويتم استغلالها، مطالبين بتعليقها إلى حين إنشاء ما يسمونه مناطق آمنة وخالية من المسلحين.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه غزة تصعيدًا عسكريًا متواصلًا، مع استمرار الغارات الإسرائيلية التي أوقعت في الساعات الماضية عددًا من الشهداء والجرحى في مناطق متفرقة من القطاع، بحسب تقارير محلية، وهو ما يضع الخطة الجديدة أمام تحديات إنسانية وسياسية معقدة، وسط حالة من الاستقطاب الحاد داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها بشأن أولويات الحرب وأدوات إدارتها.