بعد ملياري دولار وخطابات نارية.. ترامب يصدم تل أبيب بشأن موقفه من خطة تهجير الفلسطينيين 

تهجير سكان غزة
تهجير سكان غزة

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلًا واسعًا حين دعا علنًا إلى تشجيع هجرة سكان قطاع غزة إلى دول أخرى، في واحدة من أكثر التصريحات إثارة للجدل منذ بداية الحرب، ورغم أن إسرائيل سارعت لتلقف الطرح والعمل عليه، إلا أن الواقع على الأرض بعد مرور قرابة ستة أشهر كشف ما تعتبره تل أبيب تراجعًا أميركيًا متعمدًا عن تنفيذ الخطة.

بداية الخطة

خلال إحدى خطاباته المثيرة، عبر ترامب عن دعمه الصريح لفكرة تفريغ غزة من سكانها عبر تشجيع الهجرة الطوعية إلى دول أخرى، معتبراً أن ذلك يمثل الحل الإنساني والواقعي للصراع. 

وسرعان ما تبع ذلك إعلان غير رسمي عن خطة أميركية مقترحة بقيمة نحو ملياري دولار لإنشاء "مناطق انتقالية إنسانية" داخل القطاع وخارجه، كمحطة أولى للهجرة.

إسرائيل لم تكتف بالترحيب بالخطة، بل انخرطت مباشرة في دعمها سياسيًا وإعلاميًا، وسعت إلى حشد تأييد دولي للفكرة، معتبرة أنها تتماشى مع رؤيتها لإنهاء التهديد الديموغرافي والسياسي من غزة.

ما بعد خطاب ترامب

لكن وفقًا لموقع "واللا" الإخباري العبري، بدأت حالة من الإحباط تسود الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل، بعد ما اعتبرته تباطؤًا متعمدًا من واشنطن في تفعيل الخطة. 

ونقلت المصادر الإسرائيلية أن التصريحات كانت أقرب إلى "مداعبة سياسية" استخدمها ترامب قبل زيارته إلى السعودية، بهدف كسب أوراق تفاوضية مع الرياض.

وتعتقد إسرائيل أن زيارة ترامب للمملكة في مايو الماضي وما أعقبها من تحسّن كبير في العلاقات الأميركية – السعودية، أسفر عن كبح جماح خطة التهجير بدل تعزيزها، إذ تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الخطة كانت وسيلة ضغط مؤقتة على السعودية، أكثر منها رؤية استراتيجية قابلة للتطبيق.

جهود إسرائيلية بلا نتائج

بعد إعلان ترامب عن ما يسمى "خطة ريفييرا غزة"، أطلقت إسرائيل حملة دبلوماسية غير معلنة بحثًا عن دول مستعدة لاستقبال سكان من غزة في إطار هجرة طوعية، ومع ذلك، لم تسفر هذه التحركات عن أي اتفاق ملموس.

وبحسب مصادر مطلعة، فقد أجرت إسرائيل اتصالات مع عدة دول في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، لكن الردود كانت إما رافضة مباشرة أو مترددة ومشروطة بضمانات لا تملك إسرائيل تقديمها.

وبالرغم من أن آلاف الفلسطينيين غادروا غزة في الأشهر الماضية لأسباب إنسانية واقتصادية، إلا أن أعدادهم تبقى أقل بكثير من الطموحات الإسرائيلية، التي كانت تراهن على دعم أميركي قادر على إقناع دول بفتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من اللاجئين.

واشنطن تملك المفاتيح

ترى إسرائيل أن الولايات المتحدة، بما تمتلكه من أدوات ضغط دبلوماسية ونفوذ اقتصادي على دول العالم الثالث، قادرة وحدها على فتح مسارات لهجرة واسعة من القطاع، لكنها لا تقوم بذلك حاليًا، ربما لأسباب تتعلق بتوازنات إقليمية، أو بتغير في أولويات الإدارة الأميركية بعد تحسّن علاقتها مع السعودية.

وعبرت مصادر إسرائيلية صراحة عن خيبة أملها، قائلة إن ترامب لم يتخلى عن الخطة، لكنه جمدها أو على الأقل أبطأ خطواتها بشكل كبير، متوقعة أن يعود الحديث عنها فقط إذا تعثرت مسارات التفاهم بين واشنطن والرياض في ملفات أخرى.

السياق السياسي

اللافت في المشهد أن خطة الهجرة طرحت في البداية بوصفها "حلاً إنسانيًا" لمأساة غزة، لكن الهدف السياسي من ورائها لم يغب عن صناع القرار في إسرائيل، إذ يرون فيها فرصة استراتيجية لتقليص عدد السكان الفلسطينيين في القطاع، وإنهاء الوجود السياسي لحركة حماس عبر تفكيك البيئة الحاضنة لها.

في المقابل، اعتبرت أطراف فلسطينية وعربية أن ما يطرح هو خطة تهجير قسري مغلفة بغطاء "الطوعية"، محذرة من تبعاتها السياسية والقانونية، خاصة إذا تم فرضها دون توافق وطني أو إقليمي.

موقع واللا العبري