تتزايد الضغوط السياسية والشعبية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع استمرار المفاوضات غير المباشرة في الدوحة بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي يعلن فيه نتنياهو عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى هدنة تمتد لـ60 يومًا وتؤدي إلى استعادة نصف المحتجزين الإسرائيليين في غزة، تتصاعد احتجاجات عائلات الأسرى، وتلوح في الأفق أزمة سياسية داخل الائتلاف الحاكم قد تؤدي إلى تفككه وسط تهديدات بالاستقالة من قبل وزراء اليمين المتطرف.
اجتماعات مكثفة وضغوط داخلية
يواصل نتنياهو عقد اجتماعات متلاحقة لبحث صفقة التبادل المحتملة، من بينها اجتماع جمعه بوزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، على خلفية معارضتهما لأي اتفاق يتضمن وقفاً لإطلاق النار، وأفادت هيئة البث الإسرائيلية أن نتنياهو سيعقد اجتماعًا جديدًا اليوم الأحد لتقييم مجريات المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية.
وفي تصريحات إعلامية أدلى بها لقناة "فوكس نيوز" الأميركية، أعلن نتنياهو عن سعي حكومته للتوصل إلى هدنة لمدة 60 يومًا تتيح استعادة قرابة نصف المحتجزين لدى حركة حماس، مؤكداً في الوقت نفسه أن إسرائيل ستواصل العمل لتحقيق أهدافها في غزة وفي مقدمتها "تدمير حماس بالكامل".
احتجاجات شعبية
في ظل استمرار الجمود في المفاوضات، شهدت المدن الإسرائيلية مظاهرات حاشدة دعت إليها هيئة عائلات الأسرى، للمطالبة بالإسراع في إبرام اتفاق شامل يعيد الرهائن وينهي الحرب.
واتهمت الهيئة نتنياهو بإضاعة الفرصة بسبب "مناورات سياسية رخيصة"، وأكدت أن أغلبية في الحكومة والمجلس الوزاري المصغر تؤيد الصفقة، محذرة من أن فقدان الزخم الحالي سيكون فشلاً ذريعًا تسجله كتب التاريخ.
وجاء في بيانها: "نتنياهو أمام خيارين: إما إنقاذ الرهائن أو البقاء أسير حساباته السياسية، التأخير يهدد الأرواح ويطيل أمد الحرب دون جدوى".
ائتلاف حكومي على حافة الانهيار
ذكرت هيئة البث الرسمية أن الوزير بن غفير يدرس تقديم استقالته في حال إبرام الاتفاق، ما يفتح الباب أمام تفكك الائتلاف الحاكم، بينما يسعى نتنياهو لاحتواء الأزمة بعقد جلسة خاصة مع سموتريتش لتثبيت أركان الحكومة. ويواجه نتنياهو أيضًا انتقادات لاذعة من المعارضة، التي تتهمه بتعمد إطالة أمد الحرب من أجل الحفاظ على منصبه، لا سيما في ظل ملاحقته دوليًا من المحكمة الجنائية بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وقال رئيس حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان في منشور له: "نتنياهو ومن خلفه بن غفير وسموتريتش يشكلون أقلية متطرفة تسير ببلد كامل نحو الهاوية، حياة الجنود والرهائن لديهم لا تساوي شيئاً مقابل البقاء في السلطة".
خرائط إسرائيلية جديدة
في سياق متصل، نقلت القناة 12 الإسرائيلية أن تل أبيب ستقدم خرائط جديدة تحدد نطاق الانسحاب من قطاع غزة، بما يشمل السيطرة على محور موراغ، وذلك بناء على طلب الوسطاء القطريين الذين أكدوا أن الخرائط السابقة سترفضها حماس.
لكن مصادر فلسطينية كشفت أن المفاوضات لا تزال تواجه تعقيدات كبيرة، خصوصًا بسبب إصرار إسرائيل على الإبقاء على قواتها في أكثر من 40% من مساحة القطاع، وهو ما ترفضه حماس بشدة، معتبرة ذلك انتقاصاً من جوهر الاتفاق.
مقترح الهدنة
بحسب التسريبات، فإن المقترح المتداول يتضمن:
- وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا.
- الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء على مرحلتين (8 في اليوم الأول، و2 في اليوم الـ50).
- إعادة جثث 18 أسيرًا إسرائيليًا على ثلاث مراحل.
- إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين.
- زيادة حجم المساعدات الإنسانية.
- ضمانة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في مرحلة لاحقة.
لكن الخلافات الجوهرية، خاصة المتعلقة بمناطق الانسحاب، لا تزال تعقد المشهد وتعرقل الوصول إلى توافق نهائي.
معاناة إنسانية مستمرة في غزة
في المقابل، يواصل الفلسطينيون في غزة دفع الثمن الفادح للحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تشير التقارير الحقوقية إلى سقوط نحو 196 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يواجهون ظروفًا إنسانية بالغة القسوة، من نقص الغذاء والمياه إلى تفشي الأمراض والجوع.
ويقبع في سجون الاحتلال أكثر من 10,800 أسير فلسطيني، يعانون من ظروف اعتقال قاسية تشمل التعذيب، والإهمال الطبي، والتجويع، ما تسبب في وفاة العديد منهم، وفقاً لتقارير فلسطينية وإسرائيلية موثقة.