كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في تقرير نشر اليوم الجمعة، عن ثلاثة مراكز رئيسية لحركة حماس في قطاع غزة لم تتمكن العملية العسكرية الإسرائيلية البرية من حسمها حتى الآن، رغم مرور أشهر على بداية الهجوم البري المكثف.
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري رفيع في الجيش الإسرائيلي قوله إن استمرار العمليات في القطاع قد يمتد لخمس سنوات قادمة، في حال أرادت إسرائيل السيطرة الكاملة على هذه المناطق وضمان عدم عودة قدرات حماس التنظيمية والعسكرية.
المركز الأول: قلب مدينة غزة
بحسب التقرير، فإن المنطقة الأولى التي لا تزال تعد مركز ثقل لحركة حماس هي مدينة غزة نفسها، وتحديدًا الأحياء الوسطى والغربية، التي تعرف بكثافتها السكانية العالية وتعقيدها العمراني، وتشمل:
- حي الشاطئ المكتظ، وهو من أبرز معاقل الحركة التقليدية والرمزية.
- حي الرمال الذي يضم العديد من المباني الشاهقة والبنية التحتية الإدارية والأمنية للحركة.
- حي الصبرة الواسع، الذي يعد منطقة حيوية من حيث الامتداد السكاني والأنفاق تحت الأرض.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الأحياء تعتبر معقدة من الناحية العسكرية، ما يجعل التوغل فيها مكلفًا وبطيئًا بالنسبة للقوات الإسرائيلية.
المركز الثاني: مدينة حماس
أما المركز الثاني، فتطلق عليه الصحيفة وصف "مدينة حماس" في منطقة المواصي الواقعة غرب مدينة خان يونس، والتي تحولت خلال الحرب إلى ما يشبه مدينة مؤقتة للنازحين، حيث احتشد عشرات الآلاف من الفلسطينيين بعد فرارهم من مناطق القتال.
ورغم الوجود المدني الكثيف، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن حماس استغلت المنطقة لتكوين قاعدة اختباء وتنظيم جديدة، نظراً لعدم تعرضها لضربات عسكرية مكثفة كما حدث في مناطق أخرى.
المركز الثالث: النصيرات ودير البلح
ووفقًا للتقرير، فإن المركز الثالث للثقل العسكري يتمثل في كتائب حماس النشطة في وسط القطاع، وتحديدًا في مدينتي النصيرات ودير البلح.
وترى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن هذه المناطق تعد نقطة اشتباك حرجة بسبب تقارير استخباراتية تشير إلى احتجاز بعض المختطفين الإسرائيليين داخلها، ما يزيد من تعقيد القرار العسكري بشأن تنفيذ هجوم شامل هناك.
وتؤكد الصحيفة أن أي عملية عسكرية فعلية في النصيرات ودير البلح ستتطلب على الأقل نشر فرقتين عسكريتين، مع توقعات بحدوث قتال طويل الأمد يمتد لأشهر، نظراً لطبيعة التحصينات والبنية التحتية التابعة لحماس في تلك المناطق.
النهاية بعيدة
ونقلت الصحيفة عن أحد كبار قادة الجيش الإسرائيلي قوله إن حركة حماس ما زالت تحتفظ ببنية تحتية واسعة جدًا، بغض النظر عن عدد المقاتلين الذين تم تصفيتهم أو اعتقالهم.
وأضاف: "التهديد الحقيقي لا يتوقف فقط على عدد أفراد حماس، بل في وجودها التنظيمي وقدرتها على التخطيط لهجمات جديدة، حتى وإن لم تكن بحجم ما حدث في 7 أكتوبر".
وأكد القائد العسكري أن المعركة مع حماس قد تستمر لغاية خمس سنوات في بعض المناطق، وأن الحفاظ على الإنجازات العسكرية يتطلب وجودًا دائمًا أو عمليات دائمة، مشيرًا إلى أن المشكلة لا تكمن في اسم الخصم، سواء كان حماس أو الجهاد أو أي تنظيم آخر، بل في المنظومة المقاومة نفسها التي يعاد بناؤها باستمرار.
تحذيرات من التضليل الإعلامي
وانتقد المصدر العسكري ما وصفه بمحاولات "إيهام الجمهور الإسرائيلي" بأن نهاية الحرب باتت قريبة، قائلاً: "من الخطأ خداع الرأي العام أو إعطائه أملًا كاذبًا بأننا بصدد إنهاء المهمة قريبًا، ما نواجهه هو حرب استنزاف طويلة، وميدان القتال في غزة لا يختلف عن الضفة الغربية من حيث استمرار التهديدات وتكرار التمرد".
وشدد على ضرورة إبقاء الجبهة الداخلية على دراية بطبيعة الحرب الحقيقية، التي باتت تتطلب صبرًا سياسيًا وميدانيًا طويل الأمد، وعدم الاعتماد على الحلول السريعة أو النهائية في الأفق القريب.