في أول تقييم شامل يجريه منذ توليه منصبه في مارس الماضي، أقرّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، بوجود أزمة حقيقية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، مؤكدًا أن الجيش بات بحاجة ماسة إلى استراحة عملياتية بعد نحو عامين من القتال المستمر في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن هذا الصراع الطويل قد عطل خطط تطوير الجيش، وأثر على تماسكه واستعداده للجبهات الأخرى.
جاءت تصريحات زامير خلال اجتماع عقد في قاعدة غليلوت العسكرية، بحضور هيئة الأركان العامة وقيادات ميدانية رفيعة المستوى، حيث كشف عن وجود مخاطر حقيقية تهدد وحدة الجيش الداخلية، في ظل التوتر المتصاعد الناتج عن استنزاف القوات وعدم الاستقرار السياسي الذي ينعكس سلبًا على الأداء الميداني.
دعوة إلى هدنة طويلة الأمد
أكد زامير خلال الاجتماع أن الجيش يحتاج إلى فترة هدوء مطولة، حتى وإن لم يتم القضاء بالكامل على حركة حماس، مشددًا على أن الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، والتي فرضت القيادة السياسية استمرارها مع بداية 2025، لم تحقق حسمًا واضحًا، بل تركت آثارًا جسيمة على بنية الجيش.
وأوضح أن عام 2026 يجب أن يكون عام إعادة البناء والاستعداد، عبر مراجعة أساليب القتال، وضخ استثمارات جديدة في القدرات الاستخباراتية والتكنولوجية، محذرًا من استمرار العمليات العسكرية دون استراتيجية واضحة أو دعم شعبي كافي
تآكل الجاهزية وتوقف التدريبات
في تقييمه السنوي، أشار زامير إلى أن الجيش لم يجري تدريبات قتالية كبيرة بالذخيرة الحية للعام الثاني على التوالي خاصة في الجبهة الشمالية، وهو ما أدى إلى تراجع في الجاهزية العسكرية، لا سيما في مواجهة التهديدات القادمة من حزب الله في لبنان والجبهة السورية في الجولان.
وأكد أن العودة إلى "الأساسيات" باتت ضرورية، وأن الجيش بصدد إنشاء إدارة تدريب جديدة، بهدف استيعاب الدروس القاسية التي أفرزتها الحرب الأخيرة، لا سيما ما يتعلق بالجاهزية التكتيكية والعملياتية للقوات البرية والجوية.
وجود ميداني مستمر
رغم مطالبته بهدنة واستراحة، شدد زامير على أن الجيش الإسرائيلي سيبقي على وجوده العملياتي في محيط قطاع غزة، وجنوب لبنان، والجولان السوري المحتل، في إطار سياسة الدفاع من خلال الهجوم داخل أراضي العدو.
وأوضح أن التغيرات التي طرأت على طبيعة التهديدات القادمة من حماس وحزب الله تتطلب مقاربة استخباراتية وتكنولوجية متطورة، مما يفرض على الجيش تغيير أدواته وتكتيكاته، دون الانسحاب من مناطق التماس الساخنة.
نتائج غير حاسمة
ونشر الجيش الإسرائيلي مؤخرًا تقييمًا ميدانيًا سنويًا، اعترف فيه بأن الحرب على غزة لم تفضي إلى نتائج حاسمة، رغم النجاحات العسكرية في بعض المناطق مثل رفح، ولفت التقييم إلى أن انسحاب القوات من محور موراج في جنوب القطاع، قد يمكن مقاتلي حماس من العودة إلى مناطق سبق وأن خضعت لسيطرة إسرائيلية.
ويشير هذا الاعتراف بوضوح إلى حجم التحديات الميدانية والاستراتيجية التي تواجه الجيش، ويؤكد أن القوة العسكرية وحدها لم تكن كافية لإنهاء وجود حماس أو فرض واقع سياسي جديد في القطاع.