كشفت تحليلات حديثة لصور الأقمار الاصطناعية أن حجم الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة فاق كل التقديرات السابقة، حيث تشير البيانات إلى أن ما لا يقل عن 70% من مباني القطاع أصبحت غير صالحة للسكن.
ووفقًا لما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية عن خبير الخرائط آدي بن نون، المحاضر في قسم الجغرافيا بالجامعة العبرية، فإن نسب الدمار في مناطق متعددة من القطاع تظهر واقعًا "محوًا بالكامل" لمناطق سكنية بأكملها.
رفح وخان يونس الأكثر تدميرًا
بحسب التحليل الذي أجراه فريق من المختصين، تبين أن رفح وحدها فقدت 89% من مبانيها بفعل القصف والهدم المنهجي، بينما تعرض 84% من مباني شمال قطاع غزة للدمار الكامل أو الجزئي، في حين بلغت نسبة تدمير البنية العمرانية في مدينة غزة نفسها 78%.
ويظهر تحليل البيانات أن متوسط المباني المدمرة شهريًا في رفح فقط بلغ 2000 مبنى منذ أبريل الماضي، وهو ما يعكس تصعيدًا ممنهجًا لوتيرة الهدم خلال الأشهر الأخيرة من الحرب.
أما مدينة خان يونس، التي تعد من أكبر المدن في القطاع، فقد أظهرت الصور الجوية أنها "مسحت من الوجود تقريبًا"، حسب ما أظهرته المقاطع الملتقطة مؤخرًا.
الحياة اليومية اختفت
وقال آدي بن نون في تصريحاته لصحيفة هآرتس: "لم يعد لدى سكان قطاع غزة مكان يمكنهم العودة إليه، فالعالم الطبيعي الذي اعتادوا عليه وحياتهم اليومية تم تدميرها بالكامل".
وتظهر الصور الجوية التي تم تحليلها بوضوح أن الدمار طال الأحياء السكنية ومراكز الخدمات والبنى التحتية، خاصة في محيط المناطق الحضرية الكبرى، وهو ما يطرح تساؤلات كبرى عن الإمكانية الفعلية لإعادة الإعمار أو عودة السكان في أي وقت قريب.
هدم منهجي بالأدوات الهندسية
تظهر الصور أن الجيش الإسرائيلي لم يكتفي بالقصف الجوي فقط، بل اعتمد بشكل كبير على معدات هندسية متقدمة لهدم المباني بشكل مباشر، مما يشير إلى استراتيجية تستهدف تفريغ الأرض من مظاهر الحياة وليس فقط العمليات العسكرية.
وأكدت التحليلات أن عملية الهدم في غزة لا تتم بعشوائية بل بوتيرة متصاعدة ومنظمة، ما يزيد من حجم المأساة الإنسانية، ويصعب على المنظمات الدولية تصور أي عودة قريبة للنازحين في ظل غياب البيئة الحضرية الأساسية.