أثيرت حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي عقب قرار حذف بيان الأزهر الشريف بشأن غزة، بعدما كان البيان قد تضمن نداءً عاجلاً من شيخ الأزهر، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، للتحرك الدولي السريع لإنقاذ غزة من المجاعة التي تهدد سكانها.
وكان البيان المحذوف قد حمل لهجة قوية، إذ أكد أن الضمير الإنساني بات في اختبار قاسٍ في ظل استمرار القتل الممنهج بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، محذراً من أن أي دعم بالسلاح أو بالمواقف السياسية لإسرائيل يعد شراكة مباشرة في الإبادة الجماعية.
نداء من القلب
وبحسب ما جاء في نص البيان: "نطلق صرختنا الحزينة، ونداءنا المكلوم، لنستصرخ به الضمائر الحية من الأحرار والعقلاء والحكماء في العالم لإنقاذ أهل غزة من مجاعة يفرضها الاحتلال بقوة ووحشية غير مسبوقة، في مشهد لا يعرف له التاريخ مثيلاً".
الأزهر يوضح قراره
وقد أصدر المركز الإعلامي للأزهر الشريف، بيان لاحق بعد ظهر اليوم، أوضح أن المؤسسة تابعت التفاعلات التي أثيرت على مواقع التواصل بشأن حذف البيان، مؤكدًا على أن قرار سحبه جاء بدافع المسؤولية الدينية والإنسانية التي يتحملها الأزهر تجاه قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، شدد "المركز"، على أن سحب البيان تم "بكل شجاعة ومسؤولية أمام الله" حين تبين أن نشره قد يستغل كذريعة للتراجع عن المفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة، الأمر الذي قد يعيق إنقاذ الأبرياء من المدنيين.
تابع المركز الإعلامي للأزهر الشريف ما أثير من تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن بيان الأزهر الشريف المتعلق بالأوضاع في غزة، موضحًا أن هذا القرار جاء انطلاقًا من المسؤولية التي يتحملها الأزهر الشريف أمام الله عزّ وجل تجاه قضايا أمتينا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية…
— الأزهر الشريف (@AlAzhar) July 23, 2025
تغليب مصلحة الدماء
كما أكد "المركز"، على أن الأزهر آثر مصلحة حقن الدماء التي تسيل يومياً في غزة، آملاً أن تُكلل المفاوضات بالنجاح في إيقاف شلال الدم المستمر، وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة التي حُرم منها الشعب الفلسطيني المظلوم.
وختم "المركز الإعلامي" بيانه بالتأكيد على صدق موقفه ومسؤوليته أمام الله عز وجل، داعياً بأن ينزل الله السكينة والصبر على أهل غزة، ويحرسهم بعينه التي لا تنام، وأن يكون لهم معينًا ونصيرًا في وجه هذا الظلم التاريخي المستمر.
بيان الأزهر بشأن غزة
وكان مرصد الأزهر ، قد أطلق نداء لمكافحة التطرف نداءً عالميًا بعنوان "غزة تحتضر.. فهل من مجيب؟"، مستخدمًا عشر لغات من بينها اللغة العبرية، وذلك في محاولة للوصول إلى وجدان العالم، ولفت الأنظار إلى حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الحصار.
وقد نشر النداء عبر الصفحة الرسمية للمرصد على "فيسبوك"، مرفقًا بإحصائيات صادمة ومشاهد تعكس الانهيار الكامل للبنية الإنسانية في غزة، حيث جاء في البيان أن "71 طفلاً على الأقل لقوا حتفهم جوعًا" في واحدة من أبشع صور الموت في القرن الحادي والعشرين، بينما تقف القوى الدولية مكتوفة الأيدي.
غزة لا تطلب سلاحًا
في عباراته الموجعة، عبر البيان عن طبيعة المطالب الغزيّة الحقيقية قائلًا: "غزة اليوم لا تطلب السلاح ولا الحرب، بل تبحث عن أبسط مقومات الحياة"، مضيفًا أن ما تحتاجه الطفولة الفلسطينية هو: "قليل من الحليب، بعض الماء، وجرعة دواء لإنقاذ ما تبقى من البراءة والأنفاس".
وأشار النداء إلى أن ما تشهده غزة لا يندرج فقط ضمن "حصار"، بل هو في نظر المرصد "مخطط ممنهج لاقتلاع الناس من أرضهم عبر سياسة تجويع متعمد تمارسها سلطات الاحتلال"، مستنكرًا الصمت الدولي تجاه هذه الجرائم المتكررة.
اتهامات واضحة
لم يتردد مرصد الأزهر في تحميل إسرائيل مسؤولية إنسانية مباشرة عن تجويع السكان، مشيرًا إلى أن ما يحدث في القطاع ليس حصارًا اقتصاديًا فحسب، بل جريمة مستمرة بحق الإنسان الفلسطيني.
وتساءل البيان بمرارة ووضوح: "أي توراة هذه التي يبرر باسمها القتل؟ وأي دين يشرع سرقة الأرض وتجويع الأطفال وسفك الدماء؟".
وجاء هذا التساؤل تعبيرًا عن التناقض الأخلاقي والديني لما تمارسه قوات الاحتلال، في ظل ادعاءات دينية تسوغ الحرب على المدنيين.
آلة الحرب مستمرة
تابع البيان ليصف المأساة المستمرة منذ سنوات: "آلة الحرب الإسرائيلية تطحن غزة منذ عامين، والعالم لا يزال يتساءل إن كانت هذه الجرائم تستحق الإدانة"، في انتقاد لاذع لمواقف المجتمع الدولي الذي لم يتجاوز مرحلة الصدمة إلى مرحلة الفعل.
وفي نبرة صارخة، اختتم البيان بصيحة إنسانية قوية: "ارفعوا الحصار فورًا، أوقفوا آلة التجويع، أنقذوا غزة الآن قبل أن تمحى من الخريطة"، مؤكدًا أن من يلوذ بالصمت اليوم، لن يجد غدًا ما يبرر به تقاعسه.