إعلام عبري يرصد مؤشرات لنهاية الحرب على غزة.. من الرابح ومن الخاسر؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 

أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، بإن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل تقليص وجوده في قطاع غزة، في خطوة تعكس بوضوح اقتراب نهاية العملية العسكرية هناك دون تحقيق الأهداف التي وضعت منذ بدايتها.

ولفتت "الصحيفة"، إلى أنه عندما انطلقت العملية في مايو الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين، أن الأهداف تشمل "غزو غزة" والتمركز فيها، إلى جانب نقل السكان المدنيين الفلسطينيين نحو الجنوب، وضرب حركة حماس، ومنعها من السيطرة على المساعدات الإنسانية.

وشدد "المسؤولون"، على أن الهدف المحوري لعملية "عربات جدعون" هو "هزيمة حماس في غزة والإفراج عن جميع الرهائن".

تفكك الرؤية الميدانية

على الرغم هذه التصريحات، لم يتم حتى الآن تحقيق أي من تلك الأهداف، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، عن سحب الفرقة 98، وهي وحدة نخبة تضم قوات مظلية وكوماندوز، إلى جانب لواءين من الاحتياط من قطاع غزة.

وبالرغم من أن الخطاب السياسي في مستهل العملية ركز على "غزو شامل" للقطاع، إلا أن الجيش أوضح لاحقاً أنه يسعى للسيطرة على ما نسبته 75% من أراضي غزة، وهو ما تم تحقيقه حتى الآن، غير أن التقدم العسكري توقف لاحقًا لتفادي أي تصعيد من شأنه تهديد حياة الرهائن، خاصة مع تهديدات حماس بإعدامهم إذا اقتربت القوات من أماكن احتجازهم.

ويستمر بعض القادة الإسرائيليين في المطالبة بالسيطرة الكاملة على القطاع، وهو أمر مطروح على طاولة النقاش، فيما ركزت العمليات العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة على تدمير البنية التحتية لحماس، بما في ذلك الأنفاق والمباني، مع تسجيل اشتباكات ميدانية محدودة.

معضلة السكان والمساعدات

وعلى صعيد آخر، لم يستطع الجيش تنفيذ خطته لنقل السكان المدنيين جنوبًا، لا يزال أكثر من مليون شخص يعيشون في شمال غزة، إضافة إلى نحو 350 ألفًا في دير البلح وسط القطاع، وأكثر من 600 ألف في منطقة المواصي الساحلية جنوبًا.

ورغم تعرض "حماس" لضربات قوية خلال القتال المستمر منذ 22 شهرًا، إلا أنها لا تزال تحتفظ بقدرات عسكرية في مناطق متفرقة، ففي بيت حانون شمال القطاع، أعلن الجيش أنه قضى على الوجود المسلح للحركة هناك، بعد أن استسلم آخر ثلاثة مقاتلين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

إلا أن الوضع في خان يونس جنوبًا يعكس استمرار امتلاك "حماس" لقوة قتالية فاعلة، إذ تم رصد محاولة كمين نفذه نحو 12 مسلحًا ضد القوات الإسرائيلية.

فشل خطة المساعدات

والجدير بالإشارة أن من بين أهداف العملية المعلنة أيضًا، منع "حماس" من السيطرة على المساعدات الإنسانية، حيث دعمت كل من إسرائيل والولايات المتحدة خطة مثيرة للجدل، تقضي بتوزيع المساعدات عبر كيان يدعى "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة غير معروفة المصدر. 

وقد تولت المؤسسة توزيع المساعدات في أربعة مواقع، ثلاثة منها في جنوب القطاع، وواحد في وسطه.

كما تهدف الخطة إلى استبدال آلية دخول الشاحنات التقليدية، التي قالت إسرائيل إن "حماس" كانت تستولي على جزء كبير منها لدعم سيطرتها، إلا أن الخطة الجديدة فشلت، فقد وقعت حوادث إطلاق نار يومية وقاتلة قرب مواقع التوزيع، على يد جنود الجيش الإسرائيلي، وسط تصاعد التقارير عن مجاعة تضرب القطاع.

نتيجة هذا الفشل والضغوط الدولية، اضطرت إسرائيل للتراجع عن الخطة، وسمحت مجددًا بدخول شاحنات المساعدات، إلى جانب تنفيذ عمليات إسقاط جوي، رغم اعترافها بإمكانية وقوع بعض هذه المساعدات في أيدي "حماس".

الرهائن.. هدف لم يتحقق

فيما يتمثل الهدف الأساسي للعملية، في الإفراج عن 50 رهينة، يعتقد أن 20 منهم فقط لا يزالون على قيد الحياة، فلم يحرز فيه أي تقدم يذكر، فقد توقفت مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع "حماس"، وسحبت كل من إسرائيل والولايات المتحدة مفاوضيهما من قطر الشهر الماضي.

نهاية غير مكتملة

ومن جهته، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق إيال زامير، أن العملية العسكرية وصلت إلى النقاط المحددة سلفًا، وطالب خلال اجتماع حكومي بتقديم خطة سياسية واضحة للمرحلة المقبلة، في ظل تعثر محادثات الرهائن.

ووفقًا لما نقلته إذاعة الجيش، عن رئيس الأركان هرتسي هاليفي قوله، في اجتماعات مغلقة، إن "المرونة ممكنة، ويجب بذل الجهد من أجل صفقة"، محذرًا من أن البقاء الطويل في غزة يعرض الجنود للخطر، ويصب في مصلحة "حماس"، كما يفاقم التآكل في صفوف الجيش النظامي والاحتياطي بعد ما يقرب من عامين من القتال المستمر.

كما أشارت تقارير إسرائيلية، إلى أن هناك خياران أمام القيادة السياسية: الأول يتمثل في تنفيذ غزو شامل للقطاع، وهو ما يعارضه الجيش الذي يرى أن القضاء الكامل على بنية "حماس" قد يستغرق سنوات، والثاني هو مواصلة محاصرة المناطق التي تسيطر عليها الحركة، والدخول في حرب استنزاف طويلة ضد مقاتليها.

وفي ظل هذا التردد السياسي، يستعد الجيش الإسرائيلي لإنهاء عملية "عربات جدعون" دون أن يحقق الأهداف الأساسية التي أعلن عنها في بدايتها.

روسيا اليوم