قرارات حاسمة متوقعة في قمة الدوحة.. هل تنقلب الطاولة على إسرائيل؟

أمير قطر
أمير قطر

تتجه الأنظار إلى العاصمة القطرية الدوحة، التي ستستضيف يوم الاثنين المقبل القمة العربية الإسلامية الطارئة، لمناقشة الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على دولة قطر.

قمة عربية إسلامية طارئة في قطر

ويصف مراقبون سياسيون هذا التطور بأنه تحول خطير في طبيعة الصراع بالمنطقة، وسط توقعات بإصدار قرارات حاسمة قد تصل إلى تجميد العلاقات مع الاحتلال، خصوصًا على الصعيد الاقتصادي، إلى حين انتهاء العدوان على غزة.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر مصري مطلع لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيشارك في أعمال القمة، في خطوة تعكس اهتمام القاهرة بتوحيد الموقف العربي والإسلامي تجاه الاعتداء الإسرائيلي، والبحث عن آليات مشتركة للتصدي له، مشيرًا إلى أن القمة يجب أن تصدر قرارات تليق بحجم العدوان وتعزز العمل العربي المشترك الذي شهد تراجعًا خلال السنوات الأخيرة.

تنسيق مصري – دولي

وفي إطار التحضيرات، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا أكدت فيه أن الوزير بدر عبد العاطي أجرى اتصالات هاتفية مع عدد من وزراء الخارجية في السعودية وتركيا وباكستان.

كما تناولت هذه الاتصالات تقييم الأوضاع الراهنة وتبادل الرؤى حول التعامل مع التحديات السياسية والأمنية في المنطقة بعد الأحداث الأخيرة، مع التأكيد على تعزيز التضامن العربي والإسلامي ومواصلة التنسيق في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية بما يخدم أمن واستقرار المنطقة.

ووفقًا لما ذكرته المصادر، فإن القمة ستطرح عدة مسارات محتملة للقرارات، أولها الإدانة الواضحة للعدوان الإسرائيلي على قطر باعتباره سابقة خطيرة تمس سيادة الدول العربية والإسلامية، إلى جانب التحرك الدبلوماسي المنسق في مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمات إسلامية ودولية للضغط على إسرائيل، وربما اتخاذ إجراءات اقتصادية وإعلامية تصل إلى المقاطعة لزيادة كلفة العدوان، مع التأكيد على وحدة الصف العربي والإسلامي لتجاوز الخلافات الداخلية في مواجهة الأخطار المشتركة.

القمة اختبار جاد للمنظومة العربية

والجدير بالإشارة أن انعقاد القمة جاء في أجواء إقليمية متوترة، حيث يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا بين إسرائيل وعدد من القوى العربية والإسلامية.

ويرى محللون أن القمة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام العربي – الإسلامي على الانتقال من مستوى الإدانة إلى مستوى الفعل، خاصة في ضوء حجم التهديدات الأمنية والسياسية القائمة.

كما تحمل المشاركة المصرية دلالات مهمة، إذ تعكس إدراك النظام المصري أن الصمت أو التمثيل المنخفض لن يكون مناسبًا أمام سابقة عدوانية بهذا الحجم، كما تسعى القاهرة من خلال هذه المشاركة إلى إعادة ترميم صورتها كدولة رائدة في المنطقة.

وفي سياق متصل، أشار مصدر مصري، إلى أن القمة تمثل فرصة لإعادة التوازن إلى المشهد العربي، والتأكيد على أن أمن قطر جزء من منظومة الأمن القومي العربي والإسلامي.

تحركات دولية ودبلوماسية

من المرجح أن تسفر القمة عن مجموعة من الإجراءات الرمزية والفعلية، مثل إصدار إدانة جماعية للهجوم، وإطلاق مسار دبلوماسي منسق في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وربما مراجعة العلاقات التجارية مع إسرائيل، بما يتوقف على حجم التوافق بين الدول المشاركة.

كما تؤكد القمة على ضرورة تجاوز الخلافات الداخلية بين الدول العربية والإسلامية، باعتبار وحدة الصف أداة أساسية لردع أي اعتداءات مستقبلية.

ويرى مراقبون أن ظهور الرئيس السيسي في القمة يحمل رسالة واضحة بأن القاهرة تسعى لاستعادة زمام المبادرة، والانتقال من موقع المتلقي للتطورات إلى موقع صانع المواقف، خاصة وأن مصر هي الدولة الأكبر عربيًا من حيث السكان والأكثر تأثيرًا سياسيًا وعسكريًا، لكنها مقيدة بشبكة معقدة من الالتزامات الدولية والإقليمية.

دعوات لإجراءات عملية

في هذا الصدد، أكد السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن على القمة أن توجه رسالة واضحة للأسرة الدولية بعدم الرضوخ لمحاولات التهجير التي تمثل جريمة حرب، وأن تتبنى قرارًا بمواصلة العمل من أجل تنفيذ خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.

واقترح "حجازي"، عقد اجتماع مصغر يضم مصر وتركيا والسعودية وإيران، إلى جانب دول خليجية وشمال أفريقية، تمهيدًا لتأسيس منظومة للأمن والتعاون الإقليمي على غرار "إعلان هلسنكي 1975" في أوروبا.

وأشار "حجازي"، إلى أن هذه الاجتماعات قد تنتقل لاحقًا إلى نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار إعلان سياسي ملزم يؤسس لأمن واستقرار إقليمي دائم، مع الضغط على المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمتابعة الجرائم المرتكبة من الاحتلال، إضافة إلى دعم خطة إعادة الإعمار المصرية – الفلسطينية – الأممية، وإدارة قطاع غزة من خلال لجنة إسناد مجتمعي ترتبط بالسلطة الفلسطينية.

كما شدد "حجازي"، على أن القمة يجب أن تصيغ موقفًا موحدًا يضمن ترجمة القرارات إلى خطة تنفيذية مؤثرة، مع إعادة تفعيل منظومة الأمن الخليجي عبر قوة ردع مشتركة، مؤكداً أن "من يمتلك جيشًا قويًا يحمي سماءه وأرضه لن ينال منه المعتدي"، كما يجب أن تراعي القمة التطورات الدولية، خاصة بعد الاعتراف الواسع بالدولة الفلسطينية، عبر إجراءات وعقوبات تجعل لهذا الاعتراف القدرة على التحقق على الأرض.

السياق الإنساني والسياسي

وفي السياق ذاته، أوضح "حجازي"، أن انعقاد القمة يأتي في توقيت بالغ الحساسية بعد الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي القطرية ومحاولة اغتيال قيادات من حركة حماس، في مشهد أدانه المجتمع الدولي على نطاق واسع، مؤكدًا أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى حد الكارثة بعد عامين من القتل والتجويع، محذرًا من أي محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين.

ومن جهته، رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق معصوم مرزوق، أن القمة تحمل عنوانًا كبيرًا يجذب اهتمام المجتمع الدولي، لكن وجود مصالح ومواقف متباينة بين الدول المشاركة قد يجعل الحصيلة النهائية محدودة غالبًا، ومقتصرة على التوافق على الحد الأدنى.

العربي الجديد