إسرائيل تمهد لشرعنة قانون الموت بحق الأسرى الفلسطينيين.. يدخل مرحلة التصويت الرسمي

الكنيست الإسرائيلي
الكنيست الإسرائيلي

في خطوة تصعيدية خطيرة تعكس توجه الحكومة الإسرائيلية نحو تشريع الانتقام والعقوبات الجماعية، صادقت لجنة الأمن في الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم الإثنين، على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، تمهيدًا لعرضه للتصويت العام يوم الأربعاء المقبل.

ويعد هذا القانون أحد أكثر التشريعات الإسرائيلية تطرفًا في العقود الأخيرة كونه يستهدف الأسرى الفلسطينيين المحكومين بقتل أو محاولة قتل إسرائيليين، ويمنح المحاكم صلاحية إصدار أحكام بالإعدام في قضايا تتعلق بدوافع قومية أو "كراهية لإسرائيل"، حسب النص المقترح.

جذور القانون

مشروع القانون ليس جديدًا على الساحة السياسية في إسرائيل؛ إذ أُعيد طرحه مرارًا خلال السنوات الماضية، لكنه ظل مجمدًا إلى أن أعاده وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى الواجهة عام 2022، ضمن صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي مع حزب “الليكود” بزعامة بنيامين نتنياهو.

ومنذ ذلك الوقت، أصبح القانون ورقة تفاوضية ثابتة في يد اليمين المتطرف، الذي يسعى من خلالها إلى كسب تأييد الشارع الإسرائيلي المتشدد في ظل تصاعد العمليات الفلسطينية داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي مارس 2023، نجح بن غفير في تمرير مشروع القانون بالقراءة التمهيدية الأولى قبل أن يعود اليوم ليحصل على مصادقة لجنة الأمن البرلمانية، مما يعني اقترابه من مراحله النهائية نحو التنفيذ الفعلي.

تفاصيل مشروع القانون

ينص مشروع القانون على أن كل شخص يتسبب عمدًا أو عن طريق الإهمال في مقتل مواطن إسرائيلي بدافع قومي أو عنصري أو بقصد إلحاق الضرر بدولة إسرائيل، يعاقب بالإعدام.

ويتيح هذا القانون توسيع نطاق العقوبة لتشمل الأسرى الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات فدائية أو هجمات ضد أهداف إسرائيلية، بغض النظر عن مكان تنفيذها أو نتائجها.

ويؤكد محللون أن القانون يحمل صبغة سياسية انتقامية ويستخدم كأداة لترهيب الأسرى وتقويض أي تسويات مستقبلية، خصوصًا أنه يأتي في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة منذ السابع من أكتوبر 2023.

كيف يشرع القانون في الكنيست؟

عملية التشريع في الكنيست تمر بعدة مراحل معقدة، تبدأ عادةً باقتراح القانون من قبل عضو كنيست أو لجنة حكومية، ويطرح المقترح أولًا على طاولة الهيئة العامة للكنيست للمصادقة عليه بالقراءة التمهيدية، وبعد الموافقة، يحال إلى اللجان البرلمانية المختصة لمناقشته وصياغته بشكل نهائي استعدادًا للقراءة الأولى.

وفي حالة هذا القانون تحديدًا، كونه اقتراحًا مقدمًا من الحكومة الإسرائيلية وليس من عضو كنيست فردي، فإنه يتجاوز مرحلة المداولات التمهيدية، ويبدأ مباشرة من القراءة الأولى.

بعدها ينشر المشروع رسميًا في الجريدة الحكومية، ويعاد التصويت عليه بالقراءة الثانية ثم الثالثة، وإذا تمت الموافقة في القراءات الثلاث، يدرج النص ضمن “كتاب القوانين” الإسرائيلي ويصبح نافذًا فور نشره في السجلات الرسمية.

خلفية سياسية وأهداف خفية

يرى مراقبون أن إعادة تحريك مشروع قانون الإعدام الآن ليست صدفة، بل تأتي ضمن المناخ الدموي الذي تعيشه إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة، فالحكومة اليمينية المتشددة تسعى من خلاله إلى إرضاء الشارع الإسرائيلي الغاضب بعد الخسائر التي تكبدها الجيش في معاركه المستمرة، وإظهار حزم سياسي ضد الفلسطينيين داخل السجون.

ويؤكد محللون أن القانون يحمل رسالة سياسية مزدوجة، فمن جهة، تصعيد ضد الأسرى والمقاومة في ظل مفاوضات تبادل محتملة، ومن جهة أخرى تثبيت للنفوذ اليميني المتطرف داخل الكنيست والحكومة.

قانون الإعدام

أثار القانون المقترح انتقادات واسعة في الأوساط الحقوقية والدولية، إذ تعتبره منظمات إنسانية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، لأنه ينطوي على تمييز عرقي واضح ضد الفلسطينيين، ويستخدم كأداة سياسية أكثر من كونه إجراءً قضائيًا.

ورغم هذه الانتقادات، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تمرير القانون حتى النهاية، في ظل دعم قوي من أحزاب اليمين الديني والقومي المتطرف التي ترى فيه "رسالة ردع" ضد المقاومة الفلسطينية.

وكالات