مصر والأمن القومي العربي: مواجهة التوسع الإسرائيلي وإعادة هندسة السلام

بقلم المحامي علي ابوحبله

في ظل تصاعد السياسات التوسعية الإسرائيلية، وتزايد التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري والعربي، استقبلت القاهرة وفوداً دولية رفيعة المستوى، أبرزها وفد أمريكي أرسله الرئيس دونالد ترامب، لمناقشة خطوات عاجلة لوقف التصعيد، إثر ما أرسلته حكومة نتنياهو من رسائل استغاثة. وأكد الوفد الأمريكي للرئيس عبد الفتاح السيسي أن واشنطن تدرك مخاوف القاهرة، وأن استمرار الصراع يمثل خسارة لجميع الأطراف، داعياً إلى التوصل لهدنة تنسجم مع مطالب مصر المشروعة. موقف مصر: سياسة حازمة لحماية الأمن القومي والمصالح الوطنية ترى القاهرة أن سياسات نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف تشكل تهديداً مباشراً للسيادة المصرية وللأمن الإقليمي. وفي هذا السياق، وضعت مصر مجموعة من المطالب الاستراتيجية والقانونية والسياسية: 1. حكومة إسرائيلية معتدلة وملتزمة بالسلام: مصر تؤكد أن استمرار حكومة إسرائيلية متطرفة يمثل خطراً على الأمن القومي، وأن أي مسار سلام مستدام لا يمكن أن يتحقق مع سلطة إسرائيلية تسعى للتوسع وخرق الحدود الدولية. 2. إعادة صياغة اتفاقية السلام: ترى مصر أن اتفاقية كامب ديفيد لم تعد قادرة على حماية مصالحها الاستراتيجية في ظل السياسات التوسعية الإسرائيلية، وتقترح اتفاقية جديدة تشمل: السماح للجيش المصري بالانتشار الكامل في سيناء لتأمين الحدود ومواجهة أي تهديدات. إقامة قواعد عسكرية ومصانع تسليح لضمان جاهزية القوات المسلحة وتطوير الصناعات الدفاعية الوطنية. فرض ضوابط تمنع التدخل الإسرائيلي في الدول المجاورة، مع انسحاب إسرائيل من ملفات السودان واليمن ومضيق باب المندب، وفرض التزام حلفائها بذلك. 3. الأساس القانوني الدولي: بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، تمتلك مصر الحق في حماية أراضيها وحدودها، واتخاذ كافة التدابير الدفاعية المشروعة. وأي رفض إسرائيلي للامتثال لهذه الضوابط سيضع المسؤولية القانونية والسياسية على إسرائيل وحدها. المخاطر الاستراتيجية والاقتصادية الإقليمية السياسات التوسعية الإسرائيلية لا تهدد مصر وحدها، بل تزعزع الاستقرار الإقليمي برمته، وتؤثر على الاقتصاد العربي: الأمن الإقليمي: التوسع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة يهدد خطوط التجارة والطاقة في الشرق الأوسط، ويزيد احتمالات الصراعات المسلحة على الحدود. الاقتصاد العربي: أي توتر أو حرب في المنطقة سيؤدي إلى توقف الاستثمارات، ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة الضغط على اقتصادات الدول المجاورة، بما فيها مصر. الأمن الغذائي والمائي: التوترات الإقليمية تؤثر مباشرة على تدفقات المياه والموارد الحيوية في حوض النيل والمنطقة العربية. البعد الدبلوماسي والتحركات الدولية تسعى مصر، عبر هذه الخطوات، إلى إعادة التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وتعزيز مكانتها كقوة رئيسية مسؤولة. وتشير المؤشرات إلى أن دولاً كبرى مثل أوروبا وروسيا والصين تتجه نحو القاهرة لتقديم الدعم، وتأكيد الالتزام بمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. الخلاصة تؤكد مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن أي مسار للسلام يجب أن يقوم على أساس العدالة واحترام السيادة الوطنية والحدود الدولية، بما يحمي الأمن القومي العربي ويحد من أي مخاطر توسعية إسرائيلية. إن موقف القاهرة يعكس قيادة استراتيجية متوازنة، تجمع بين الحزم القانوني، والقدرة العسكرية، والتخطيط الاقتصادي، والدبلوماسية الذكية، لضمان أمن مصر والمنطقة، وإعادة رسم معادلات القوة في الشرق الأوسط لصالح الاستقرار الإقليمي.

البوابة 24